لقد تعود الناس ان يروا اصدارات الاستاذ خليل الفزيع في القصة والمقالة اذ كان بركان الشعر خامدا سنين طويلة لكونه يتنفس ابياتا قليلة في دوائر اجتماعية مغلقة بسيطة، ولكن الانسان المبدع قد لا يستطيع ان يسيطر على أحاسيسه في أوقات لاحقة ولا امكنة مكتظة بحمى العواطف الجياشة، فيكبر مارد الشعر وتبدأ براكين عواطفه تخرج بين الحين والآخر.
هكذا حال استاذنا الفزيع الهادىء الطبع الاداري الصلب اللابس ابتسامة عند الحاجة، لقد امطر سماءنا بديوانه الاول وكنا نحسبه مزحة عاشق من الماضي لملم نفسه بعد ان تعبت خطواته، لكنه بديوانه الثاني ومعارضته المتعددة، وتشطيراته الجميلة، اقنعنا ان حنين الشعر لا ينطفىء بل ينبت كلما تقدم بالانسان العمر، وشعر الخمسينات اعذب وارق لكونه اصدق من عاطفه المراهقة، فعندما وصلني ديوان الفزيع الجديد تصفحته بسرعة وقرأت منه ما شدني للقراءة وتوقعت ديوانا آخر في الطريق سوف يصدره بعد ان اصبح يسيل شعرا، لا مقالة ولا قصة لا لكونه توقف عنهما، لكن الكتابة من نوع آخر لا يعرفها الا من يعرف الفزيع.
قال صديق ربما شيطان الشعر حركه كغيره؟! قلت لم لا تكون لوثة حب خمسيني هي التي دفعته كي يتفجر لحنا بعد ان كان صامتا، ورقة بعد ان اكتسى قسوة من مشوار الحياة المليىء بالمتاعب والمثبطين لكل مبدع ومخلص، لكون الإنسان عندما يتفرغ لذاته ويداعبه نسيم عذب من عاطفة مجاورة تمر قسماتها على مخيلته ونمساتها على شاطىء خليجه سوف تصوغه إنسانا آخر.
كم من خمسيني وخمسينية جاهزون للإنطلاق شعرا او نثرا بعد ان تحرروا من قيد التعب والنصب في الحياة، إنهم كثر ولكن هل ينشر كل منهم ما يكتب؟ سؤال لا يحير جوابه الاحسائيون الموصومون بالعزوف عن النشر، هذه الصفة الحميدة الذميمة.