التغيير من طبائع الحياة ومن سمات المجتمعات المتجددة ، وإذا كان البعض ينظر إليه باعتباره ضرورة لمعالجة قصور ما، إلا أن حركة التطور ترى فيه استراتيجية تلائم حركة المجتمع ورغبة قادته في تحقيق أهدافهم الوطنية وتلبي تطلعات مواطنيه في حياة حرة كريمة.
وبهذه المعادلة "الثلاثية" طالعنا بالأمس التشكيل الوزاري الجديد الذي يمكننا القول بإيجاز انه يحمل تغييرا جذريا في تركيبة الوزارات يهدف في المقام الأول إلى:
أ ـ مواكبة الحاجة الفعلية للمجتمع من حيث التطور الذي نشهده في المملكة ومتغيراته الاقتصادية وحركته العمرانية وسياساته المستقبلية.
ب ـ التعبير عن الإرادة السياسية التي تصب رؤاها فيما يعود على المواطن بالنفع ويتلمس احتياجاته المتعلقة بواقعه المعاش ومسار حياته اليومية.
ج ـ تحديث مواقع العمل الوطني المؤثر بمختلف مجالات الخدمات المقدمة وانعكاس ذلك على مجمل الأداء الحكومي العام.
د ـ الاتجاه لايجاد مضمون جديد يوازن بين التشابك الإداري الذي كان موجودا بين مصالح معينة ويركز على وحدة المرجعيات الإدارية للقضاء على إهدار الوقت والجهد والمال العام.
هـ ـ تدعيم الاعتماد على فريق التكنوقراط استنادا إلى سياسة أكاديمية بعيدة عن التنظير وتتلمس الحلول العاجلة بشكل علمي لمعظم أو غالبية المشاكل العالقة.
ز ـ اعتماد مفهوم "التكامل" وليس الإلغاء انطلاقا من نظرية دمج الجهود خاصة ذات البعد الاستراتيجي الواحد ، وصولا لمرحلة نحن في أمس الحاجة إليها في الوقت الراهن.
ح ـ بناء هيكلية حديثة سواء تلك التي تتعلق بالتركيز على تنمية "الثقافة" التي ظهرت رسميا لأول مرة دمجا مع "الإعلام" أو باعتماد "التربية والتعليم" نموذجا أمثل للسياسة التعليمية للبنين والبنات وربط عنصر "التخطيط" كاتجاه علمي يجب أن يسود بشريان "الاقتصاد" وما يتبع ذلك من توجهات تؤثر على عملية التوازن ما بين الدخل والإنفاق.
ط ـ بدمج وزارتي المياه مثلا والكهرباء تكون الاستراتيجية العامة واضحة خاصة في هذين المجالين اللذين يحتاجان لتفاعل أكثر من كل مواطن باتباع سياسة الترشيد وإيقاف نزيف يومي ، المياه وخطورة الإسراف في استخدامها والكهرباء كطاقة يجب الحفاظ عليها بشكل أكثر عقلانية.
ونفس الكلام ينطبق على وزارات ومؤسسات الخدمات العامة بشكل خاص.
ي ـ الوضوح في تشجيع تقنية المعلومات باعتبارها سلوكا عصريا وثقافة عالمية لا ينبغي التخلف عن مواكبتها بأي حال من الأحوال.
هذه المرتكزات نعتبرها قائمة طويلة من الأهداف التي نتمنى أن تتحقق ويلمس المواطن اثرها الإيجابي بعد أن عايش تجربة النهضة والتنمية والتحديث المستمر خلال سنوات العصر الزاهر لحكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.. بل ان المشاركة الوطنية كانت رافدا مهما من روافد هذه النهضة.
وكما أن التنمية البشرية طريق للتنمية الاجتماعية، نستطيع القول انه رغم أن هذا التغيير يعتبر الأصغر حجما طيلة التشكيلات السابقة ( 11 تغييرا في نصف قرن) إلا أن الأهداف المنتظرة أكبر بكثير، ونكون كلنا مجرد جنود أيا كانت مواقعنا .. ولا يعني خروج وزير أنه قصّر، ولا يعني قدوم وزير أنه سيدوم إلى الأبد.. الواقع الاجتماعي يتطلب نظرية البناء المرحلي الذي يحتم تجديد الدماء وتصحيح الخطوات وبناء رؤى تتجدد مع الحياة والواقع والعالم من حولنا.
الوزير مواطن قبل أن يجلس على الكرسي، وسيعود مواطنا بعد أن يغادر هذا الكرسي ، تبقى فقط المسئوليات المناطة وكيفية الأداء وطريقة العمل العام دون تشكيك في الولاء أو الإخلاص.
ونحن بحمد الله مجتمع يستطيع استيعاب المتغيرات ونتلاءم مع معطيات العصر ونؤمن بأن الوصول إلى تحقيق الغايات الوطنية يستلزم تضافر كل الجهود المخلصة بالفكر والعمل ، فالنوايا الطيبة وحدها لا تكفي.
اليوم
