عزيزي رئيس التحرير:
ربما تكون كلمة (إبداع) بسيطة في لفظها لكنها كبيرة بمعناها فأنك ان وصفت عملا ما بانه (إبداعي) فذلك يدل على أنك رأيت فيه ما لم تره في غيره وان حكمت على شخص ما بأنه مبدع فلابد وانك نظرت فيما قدم من أعمال رائعة تميزت أفكارها بالجديد واتسمت في مجملها بالجمال ولاقت لديك قبولا واستحسانا وهذا ما ساقني لان أكتب تلك السطور, ففي الأيام القليلة الماضية اتيحت لي فرصة الاشتراك في احدى الدورات التدريبية التي قدمتها إدارة الشؤون التعليمية بالحرس الوطني للقطاع الشرقي.
وقد جاءت الدورة تحت عنوان (كيف تكون معلما مبدعا) وقدمها الاستاذ/ يوسف الخاطر رئيس قسم التدريب التربوي بذات الإدارة والذي ابدع في اختيار عناصر الدورة ومادتها العلمية وكذلك انشطتها التي داعب بها خيال الحضور واستثار من خلالها ملكات التفكير والإبداع لديهم. فكم كان المحاضر مبدعا حقا في عرض ما أعده للحضور وكم لاحظت شيئا من الخجل على الوجوه يمتزج باصرار على الاجتهاد في النفوس عندما اخذ المحاضر يستعرض احصائيات باعداد براءات الاختراع المسجلة في بعض البلدان العربية ومن بينها المملكة العربية السعودية التي احتلت مركزا متقدما بين شقيقاتها في هذا المضمار.
وعلى الرغم من ذلك فان العدد كان قليلا جدا مقارنة بما سجلته دولة في حجم فرنسا او ألمانيا مما يبرر موقف الحضور وجلدهم للذات واستشعارهم حجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم أهمية رسالتهم السامية في تربية وتعليم الأجيال. فالجميع يدرك ان دور المدرسة يتعدى كونها مؤسسة لتلقين الطلاب علوما مجردة الى حقيقة انها مؤسسة تربوية تعليمية شاملة ترعى المواهب وتتبنى الأفكار الجيدة وتحرص على تنمية ملكات التفكير والإبداع لدى الطلاب كا تحرص على تقويم السلوكيات الخاطئة لدى البعض حرصا على تربية أجيال قادرة على امتلاك زمام المبادرة وصولا الى الأهداف المرجوة للعمل التربوي. ومما زاد ايضا من هذا الاحساس بشيء من التقصير هو ما عرضه المحاضر لنتيجة دراسات اثبتت ان الإبداع لدى الطفل في عمر ما قبل المدرسة (3ـ5 سنوات) يصل الى نسبة 90% لينحدر الى 10% في سن (6ـ7 سنوات) ثم يقل الى نسبة 10% في المرحلة العمرية من 8ـ45 سنة!! والدراسة اجريت في بلدان متقدمة فما بال الحال لدى البلدان الأخرى؟ لقد اجريت بنفسي بعض الاختبارات الذهنية على مراحل عمرية مختلفة وتبينت لي صحة تلك النتائج. ربما كانت العملية التعليمية والتربوية برمتها في العالم اجمع داخل قفص الاتهام الأمر الذي ادركه المسؤولون بالمملكة وراحوا يوجدون له حلولا قد تكون ناجعة او على الأقل مساعدة على الارتقاء بالعمل التربوي ولعل مشروع رعاية الموهوبين هو واحد من أهم تلك الحلول التي يراها أولو الأمر ـ حفظهم الله ـ ويجب على الجميع تفعليها لتؤتي المزيد من ثمارها الطيبة ان شاء الله.. وأعود الى الدورة فأقول: ان المحاضر استعرض أسسا لإثارة الإبداع لدى الطلاب وكيفية توليد الأفكار الإبداعية وتوفير الجو الملائم لذلك من بيئة صفية وتعاون فيما بين الطلاب ومعلميهم وبين الطلاب بعضهم البعض والابتعاد عن التهديد بالدرجات والترهيب بالنتائج والتلويح بالعقاب الى آخر تلك الأمور التي تولد الاحباط لدى الطلاب وتعيق مواهبهم وإبراز ما لديهم من أفكار وابداعات. مشيرا الى ضرورة التركيز على الجوانب الإبداعية في عملهم لئلا يكون المعلم مجرد ناقل للمعلومات.
عيد ابراهيم ـ الدمام