مازالت المخدرات ذلك الأرق الذي يضني عيون الأسرة في عالم لم يعد قابلاً لسيطرة وسطوة الأسرة ويبرز من هذا أهمية معرفة كيفية التعامل وتوجيه الناشئة أبناً كان أو أي مسمى يندرج تحت هذا المضمون وفق مرئيات تربوية سليمة. رئيس قسم الإرشاد والتوجيه بإدارة التعليم بالشرقية إبراهيم الصيخان أحد المختصين في هذا المجال والمشرف على معرض يقام هذه الأيام عن التوعية بأضرار التدخين والمخدرات يحدثنا في الحوار التالي عن بعض النقاط ذات العلاقة. في هذا اللقاء : ـ
برنامج سنوي
@ ما الأهداف التي تودون تحقيقها من قيام هذا المعرض؟
ـ يعتبر المعرض جزءا من برنامج سنوي يقام على مستوى المدارس بالمنطقة.. وهو ختام لنشاطات هذا البرنامج.. وفي أغلب فقراته موجه إلى الطلاب داخل أسوار المدارس. ولكي تصل الرسالة إلى العنصر الأهم "الأسرة".. الوالدين كان هذا المعرض في مكان عام ليسهل علينا الوصول إلى هذه الفئة التي تشاركنا المسئولية تجاه أبنائنا الطلاب في رعايتهم وحمايتهم.
الوهم والدمار
@ هل ممكن عرض بعض أضرار التدخين والمخدرات من منظوركم التربوي؟
ـ أضرار المخدرات لا تخفى على أحد من العقلاء.. ولا أحد يستطيع أن يكابر وينكر هذه الأضرار على جميع المستويات.. الفرد.. المجتمع بجميع الاتجاهات ومن خلال العمل في هذا الحفل ومقابلة حالات كثيرة ممن كانت لهم تجربة سيئة في التعاطي لهذه الآفة.. فقد أجمعوا بأن البداية كانت سيجارة للانطلاق إلى عالم الوهم والدمار.. والتدخين لم يأت إلا من خلال نافذتين الأولى.. الرفقة السيئة، والثانية حب التقليد من خلال القدوة السيئة من الآباء.
أدوار متكاملة
@ إلى أين وصلت جهودكم داخل المدارس لمكافحة التدخين لدى الطلاب؟
ـ الجهود ليست من أفراد أو قسم واحد داخل الإدارة بل الجميع تتضافر جهودهم،فالمرشد الطلابي يؤدي دورا فعالا في هذا المجال.. ويسانده بذلك رائد النشاط.. وتكمل الدور هذا الوحدة الصحية المدرسية من خلال زيارات الأطباء والعيادة الطبية لمكافحة التدخين وعلاج الطلاب. كل تلك الجهود مجتمعة لا تغني عن دور مهم وأساسي للوالدين، حيث هم الأساس في التوجيه فغيابهم يشكل عائقا كبيرا لدوري بالمدرسة أو الإدارة.
أخطاء المعلم
@ المعلم باعتباره القدوة يقع في آفة التدخين كيف يمكن مواجهة هذه الحالة حتى يبقى المعلم محل الاقتداء؟
ـ لاشك أن المعلم إحدى ركائز العملية التعليمية والتربوية وهو القدوة لطلابه.. وأقول للمعلمين ممن ابتلاه الله منهم في مثل هذه العادة.. عند استهتارك بنفسك أولاً وبأبنائك ثانياً.. وطلابك ثالثاً.. سوف تجد نفسك قد أخطأت بحق الجميع. وبالتالي سوف تفقد خاصة القدوة الحسنة أمام الجميع.
غياب الأسرة
@ قسم التوجيه والإرشاد.. ما أهم المصاعب التي تواجه هذا القسم.
ـ لاشك أن أي عمل مهما كان تعترضه عقبات ومشاكل.. في مراحل كثيرة.. ونحن في قسم التوجيه والإرشاد لدينا مشاكل وصعوبات كغيرنا.. ولكن نعمل جاهدين قدر المستطاع أن نتخطى ما قدر يعترض من مصاعب.. وفي اعتقادي فان أكبر عقبة تواجهنا هي غياب الأب.. الأسرة عن القيام بدورها الحقيقي تجاه أبنائهم نظراً لطبيعة عملنا ودورنا. فمن خلال هذا اللقاء أوجه رسالة أو نداء هام جداً للآباء.. الأمهات.
قال تعالى: " المال والبنون زينة الحياة الدنيا" فما بال كثير منكم اهتم بالمال ونسي البنين، فلمن يجمع هذا المال أليس للأبناء.. فإذا كان كذلك فمن الأولى بكم ألا تغفلوا دوركم الهام والأساسي تجاه أبنائكم. فهم لا يحتاجون إلى الماديات فقط.. بل الروحانيات أمرها عظيم في تربيتهم فمن خلال علاقة إيجابية بين الآباء والأبناء، وقربكم لهم، سؤالكم عن أحوالهم في كل حال، مساعدتهم في التغلب على مشاكلهم.. توجيههم كل ذلك يساعد على بناء رجال المستقبل وقادة الأمة. وتذكروا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم.. ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله.. إلا من ثلاث.. أو ولد صالح يدعو له) الحديث فهل اهتممنا بالولد الصالح لينفعنا بعد مماتنا.. أفضل من مادة تزول بيد أبناء غير صالحين. فتعاونكم معنا نعمل مجتمعين في رعاية أبنائنا الطلاب.
جوانب
@ وسائل الاتصال والانفتاح على العوالم المجهولة عبر وسائط لا تمكن السيطرة عليها فكيف نتعامل مع هذه العوامل والوسائط الأخرى؟
ـ الحياة جانبان مادي وروحي.. والماديات في حياة الإنسان تتطور كثيراً وبسرعة.. وطبع الإنسان اتجه لهذا الجانب كثيرا أو حرف وقتر فيه.. مفضلين الجانب الآخر وهو الروحي.. مما أوجد خللا كبيرا في حياتنا وحياة أبنائنا، ولكن عند قيامنا بدورنا تجاه هذا الجانب ( الروحي) وأشبعناه بالقدر الذي نهتم ونشبع الجانب المادي بالإضافة إلى توظيفه إلى تحقيق الجانب الروحي فاننا سوف نستطيع أن نهيىء أبناءنا لأن يتعاملوا مع تلك الاتصالات والتقنيات والوسائط دون خوف أو توجس. فلا نستطيع أن نوقع على أنفسنا ونرفض هذه الوسائط بل يجب أن نوظفها لصالحنا. كما أن جهلنا بها في الوقت الحاضر سوف يجعلنا عاجزين عن فهمها عندما يكون لأبنائنا القدرة على التعامل معها، وبالتالي سوف نصبح عاجزين عن فهمها أو السيطرة عليها.
مراهقة
@ مرحلة المراهقة مرحلة خطرة .. ما هي الوسائل الإيجابية للتعامل مع هذه المرحلة ؟
ـ الإنسان يمر بمراحل عدة متقلباً بها من الطفولة حتى الشيخوخة ومرحلة المراهقة أول تلك المراحل التي يتقلب بها الإنسان بعد الطفولة. وتأخذ المراهقة في المجتمعات المتمدنة أشكالاً مختلفة حسب الوسط الذي كما يلي :
ـ المراهقة السوية المتكيفة الخالية من المشكلات .
ـ المراهقة الانسحابية حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة ومن مجتمع الأفراد ويفضل الانعزال والانفراد بنفسه، حيث يتأمل ذاته من المشكلات .
ـ المراهقة العدوانية المتمردة حيث يتسم سلوك المراهق بالعدوانية على نفسه وعلى أفراد الأسرة والمدرسة .
ـ المراهقة المنحرفة حيث ينغمس المراهق في ألوان من السلوك المنحرف كالمخدرات والسرقة والانحلال الخلقي .
وخلال هذه المرحلة العمرية تحدث طفرة في جوانب النمو المختلفة للمراهق .. العقلي .. الانفعالي .. الجسمي ... الاجتماعي ولكي نخلق مراهقة مستقرة يحتاج إلى أن نفهم تلك المتغيرات وسبل التعامل معها، فالمراهق حساس من حيث الاحترام والتقدير والاعتزاز بالنفس حتى وإن كان مخطئا في سلوك.. لذا يجب أن نقيم علاقة طيبة معه مبنية على أساس الاحترام والتقدير .. وأن نستخدم أسلوب التوجيه والحوار في التعامل معه .
يحتاج إلى إشباع للرغبات والغرائز بطريقة سليمة مثل .. حب التملك .. حب الظهور .. إثبات الذات المدح والثناء عليه
ـ يحتاج إلى توجيه طاقة وإمكانية بما يفيده في استغلال وقته .
ـ كثيرا ما يظهر اثر الصحبة في حياة المراهق فيحتاج إلى الأخذ بيده في اختيار الصحبة الصالحة .
ـ تدريبه وتعويده على استخدام التفكير المنطقي المنظم لحل المشاكل .
ـ إعطاؤهم فرصا لأن يكون لهم خصوصية مع مراقبتهم دون التجسس عليهم .
ـ توجيه المنافسة بينهم خاصة والأبناء توجيهاً سليماً حتى لا تصبح صراعاً وتوترا وخلق عداوات .
ـ الوقوف معهم في حالة الأزمات أو الزلات التي قد تعترضهم أو يقعون فيها .
وفي الختام .. اوجه نداء للآباء خاصة الأمهات عودوا إلى أبنائكم فهم أحوج الناس إليكم ...
التربية ليست بالملبس والمأكل والمشرب فقط .. هي أكبر من ذلك .
التطور ليس بتقليد الآخرين بكل شيء حتى أن كان خطأ وليس فقط بالمظاهر يجب أن يكون يكون هذا التقليد إيجابياً لتطورهم في العلم والمعرفة .. فلنتذكر أن مجتمعنا وحياتنا لها خصوصية قد لا توجد عند الآخرين يجب أن نحترمها ونقدرها .. عقائدنا .. ثقافتنا .. شخصيتنا .. هي القاعدة التي ننطلق منها في تربية أبنائنا.