تختلف المنظمات في منظورها حول دور وفعالية بحوث التسويق فبعض الشركات تنظر للبحوث على انها وظيفة موسمية او مقرونة وفقا لاحتياجات طارئة وجداول زمنية بهدف جمع المعلومات والبيانات الدورية عن الاسواق والبعض الآخر ينظر الى وظيفة البحوث على انها ركيزة التحرك وآلية تحديد التوجهات المستقبلية واحد اجهزة الدعم المعلوماتي داخل المنظمة والتي لا غنى عنها ابدا في اتخاذ القرارات والبعض الاخير لا يعترف باهمية تلك البحوث باعتبارها مضيعة للمال والوقت او النظر اليها كذريعة من بعض الادارات والمسؤولين لتعطيل القرارات او التلاعب الاداري وهذا هو موضوعنا اليوم.
ففي الوقت الذي تطورت فيه اهمية وحتمية بحوث التسويق خلال العقود الثلاثة الاخيرة بشكل سريع منذ بداياتها المنهجية والرسمية في الفترة من 1910 الى 1920 بالولايات المتحدة نجد بعض المفارقات العجيبة والمدهشة فقد اعلن معهد التسويق المعتمد بالمملكة المتحدة ان الكثير من الشركات البريطانية لا تقوم ببحث تسويقي حقيقي ودراسة اخرى عام 1999م اوضحت ان 50 بالمائة من المنظمات في بريطانيا لا تجري اي مسوحات خاصة بالآراء وقد ذكرت الدراسة ايضا ان ما نسبته 57 بالمائة من المنظمات والتي تحقق مردودا ربحيا يزيد قدره على مليار جنيه استرليني لم يكن لديها مدير تسويق بمجلس ادارتها والتي من مهامه اجراء الدراسات واستطلاعات السوق.
ان اهمية بحوث التسويق تكمن في توضيح سلوكيات العميل واتجاهاته وتركز على استكشاف البنيان التنظيمي وهيكل المنشأة ومراكز المنافسين في السوق وكشف الاتجاهات والتغيرات المتوقعة والمفاجئة فبذلك تكون بمثابة الرادار او جهاز الاستشعار لدى المنظمة لرصد التحركات وتكتيك التوجهات نحو الريادة والتفوق سواء في الاعمال القائمة لديها او توسيع انشطتها المزمعة ولكن يجب ان يكون واضحا ايضا ان الحنكة التجارية وفعالية بعض المديرين ممن يصنفون على انهم قادة والذين يتميزون برؤية استراتيجية وذكاء فطري يستطيعون العمل والنجاح واتخاذ قراراتهم بدون اللجوء لبحوث التسويق او الاستعانة بها في حدود معينة فمثلا تمكنت احدى الشركات الامريكية الرائدة في مجال المساحيق والمنظفات وبقدر بسيط من البحوث من انتاج وتدشين احد انواع الصابون والذي حقق حصة سوقية قدرها مليار دولار.
وبهذا المثال الاخير نكون قد استكملنا اجراءات الاعفاء عن شركاتنا ومؤسساتنا الوطنية من مغبة التأمل واضاعة الوقت والمراجعة الصادقة في اهمية هذه الوظيفة الحيوية والمعرفية.