في أحد السفرات كان يجلس بجانبي في الطائرة شخص لا أعرفه. وبما أن المسافة طويلة فقد استطعنا من خلال الحديث مع بعض التعرف كل منا على الآخر وتبين لي أنه من أحدى مدن المملكة وبينت له من أين أنا. المهم أننا الاثنان (سعوديان) وفي مجمل الحديث الذي تطرقنا إليه قال لي ان مدن المملكة التي عمها الخير والرخاء في هذا العهد الزاهر أدامه الله علينا وعليكم في ظل حكومتنا الرشيدة أصبحت المدن كما تعلم متباعدة أعني بذلك اتسعت رقعتها ومناطقها حتى ان بعض المخططات تبعد عن الأخرى في بعض المدن بالعشرات من الكيلو مترات ونحن متفقان على ذلك ولكن بقي شيء واحد وهو العادات والتقاليد التي تعودنا عليها منذ الصغر. ومنذ أن كنا نجتمع بالعشرات في بيت واحد أصبحت أيضاً هي الأخرى في طور الاندثار ان لم تكن اندثرت فعلاً واستطرد قائلاً إلا عندكم في ( الأحساء) فعادة الاجتماعات في المناسبات والأعياد ومناسبة شهر رمضان مازالت موجودة أعني فتح المجالس وزيارة الأقارب وتهنئتهم وزيارتهم من حين لآخر.. أصبحت لا توجد إلا في الأحساء كما يقول صاحبي.. حينها أعلن قائد الطائرة عن قرب وصولنا انتهى الحديث وسلمنا على بعض وتواعدنا أن نلتقي بعد ذلك إن شاء الله ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في الأسبوع الماضي انتقلت إلى رحمة الله (خالتي) وهي بمثابة والدتي وكنت أحبها كثيراً ودائماً أزورها قبل مرضها وفي أثناء مرضها ولكن هذه حكمة المولى جل وعلا نظرت حولي وسألت نفسي في العيد القادم من سأزور أكثرهم ماتوا وانتقلوا إلى رحمة الله.. كنت افرح بالعيد أو رمضان لأن طابع الزيارات خصوصاً لهذه الفئة من كبار السن طابع تعودنا عليه منذ الصغر ولكنا نفقد الواحد اثر الآخر وكنت أقول لنفسي ودموعي تكاد تنهمر من عيني من سأزور في العيد القادم أو رمضان القادم أن لم أكن قد التحقت بهم ولا اعتراض على قضاء الله وقدره. ولكن بقي شيء مهم جداً ويجب علينا أن نغرسه في أولادنا قبل ان ينتهي ويزول كل شيء حتى زيارة الأقارب والأصحاب والأصدقاء ونعلم أن ديننا الإسلامي الحنيف وشريعتنا الإسلامية أوصانا بشيء مهم إلا وهو (صلة الرحم) في الأقارب والأخوان الذين يكبروننا سناً وأن نكون متواصلين متحابين وأن نحافظ على هذه العادات والتقاليد قبل أن اتندثر كما أندثر غيرها.