نحن ضد الاحتلال وضد الاستعمار، وفي نفس الوقت نحن ضد الفوضى والفتنة وضد الجوع والمرض وضد الخوف والدمار وضد الاحتكار والاستغلال، العراق الآن مثل الطفل الصغير الذي تعرض لعملية جراحية صعبة وخطيرة وهو الآن بالعناية المركزة، ومن يكن في العناية المركزة فهو حتما يكون تحت الملاحظة ويكون بحاجة للاهتمام وللرعاية حتى يشفى ويستعيد صحته وعافيته وقوته ليتمكن من الاعتماد على نفسه، وفيما العراق الجريح في هذه المرحلة الحرجة ترتفع أصوات من داخل العراق ومن خارج العراق وخاصة من الدول المجاورة له والتي لها علاقات قوية ومصالح مشتركة مع أمريكا وتتواجد القوات الأمريكية على أراضيها، تطالب القوات الأمريكية والبريطانية الغازية والمحتلة بالخروج من العراق!، نحن نؤيد تلك الأصوات وتلك المطالب، ولكن لو خرجت الآن تلك القوات من العراق كيف سيكون وضع البلد؟ وهل يملك ابناء هذا الشعب المليء بالجروحات والذي لا يزال في مرحلة الصدمة والعلاج اصلاح ما دمرته الحرب، ومن الفئة التي تملك المقدرة على اقناع جميع القوميات والملل والطوائف الموجودة في البلاد على نظام معين، ومن يملك المقدرة في هذه الفترة الصعبة بعد الحرب على كسب الاعتراف والتأييد والمساعدة في أعمار العراق، ومن يملك المقدرة على دفع فاتورة الحرب وتعويض أمريكا ما صرفته ماديا وعسكريا وسياسيا؟، لابد من الحكمة والواقعية والدبلوماسية الناجحة وعدم الانجراف والانحدار مع سيل الأبواق التي تطالب ان يكون العراق حرا وان يحكم نفسه بنفسه.. كلام جميل ومطالب حقيقية ولكن هناك أهداف وغايات واطماع ومصالح خاصة في نفوس معظم تلك الدول التي تطالب بذلك وان لكل دولة من تلك الدول مصالح معينة، وستتدخل كل دولة لفرض مصالحها واهدافها وبدل ما تكون في العراق قوات أمريكية غازية واحدة قادرة على تحمل المسؤولية في البناء والأعمال وبسط الأمن ستأتي قوات متعددة متناقضة فيما بينها لا تملك المقدرة على تحمل المسئولية في البناء.. وانما تملك المقدرة على اثارة الفتن والفوضى وصب الزيت على النار وبوادر تلك السلبيات بدأت بالظهور على السطح دولة ترفض ان يكون الحكم اسلاميا.. واخرى ترفض ان يكون الحاكم من الطائفة.. ودولة ترفض ان يكون ذلك الشخص حاكما، ودولة ترفض ان يحكم ذلك الحزب وتلك القومية، ودولة تسوق أشخاصا معينين للحكم، ودولة تهدد بأن قيام دولة ديمقراطية سيساهم في عدم استقرار المنطقة والحقيقة والواقع يقولان ان على جميع دول العالم عامة والمجاورة والعربية خاصة عدم الدخول في الشأن العراقي فتلك الدول وطوال وجود النظام البائد في الحكم الذي امتد اكثر من 30 سنة لم تشعر بمعاناة الشعب ولم تتدخل لانقاذه من براثن ذلك النظام بل كانت معظم تلك الدول تصفق له وتسانده.. والافضل الآن لتلك الدول ان تبتعد وتترك العراق للعراقيين.