يتعرض الأطفال العرب والمسلمون لحالات عديدة من عمليات التغييب، وتحييد الوعي نتيجة هذا السيل الجارف من وسائل الترفيه والألعاب والمجلات والكتب المصورة الهادفة لاختراق عقول هؤلاء الأطفال والسيطرة على اتجاه تفكيرهم ليصب في شلالات التغريب والاغتراب، ومن أعجب الأمور أن الآباء يوفرون لأبنائهم وبناتهم كل تلك الأدوات ذات الأهداف التدميرية، ليساعدوا وبحسن نية على توطين الكثير من السلبيات في عقول الناشئين، وهم بقدر ما يقتربون من هذه السلبيات يكون ابتعادهم أكثر عن الأصالة، بقيمها ومعطياتها وايجابياتها وأمجادها التليدة، وعندما يتعرض الأطفال لهذا النوع من استلاب الوعي والتغريب، فإن هذا يضع مسؤولية أكبر على أولياء الأمور لمواجهة هذه الرياح الفاسدة، التي أصبحت تهب من جميع الجهات الأصلية والفرعية لحصار اطفالنا بالمزيد من تذويب الهوية العربية الاسلامية، والانغماس في التوافه من الممارسات التي تشغل الصغار عن التفكير في الحفاظ على هوية الانتماء، وتحارب الابداع والتفوق والابتكار والإرادة.
ان سرقة ارادة هؤلاء الأطفال، وعزلهم عن الانتماء للأصالة. وابعادهم عن الارتواء من مناهل الدين العذبة، ليظلوا عطاشى لثقافة التدمير والتخريب والتفاهة، لهي أشد خرقا من فتك القنابل الذرية، لأنها تخلف اجيالا من المعاقين نفسيا، والعاجزين عن تحمل مسؤولية البناء في مجتمعاتهم، بعد أن استكانوا لسلسلة من الممارسات الهجينة التي تقود الى الهاوية، ولسلسلة من المفاهيم المشينة التي تقود الى الدمار.
إن المحافظة على الأطفال والعناية بهم لا تقتصر على الغذاء والكساء، ولكنها الى جانب ذلك تعني تحصينهم بالعلم النافع، وابعادهم عن المغريات الساقطة أو ابعادها عنهم، مع التيقظ والحذر في التعامل معهم، والأخذ بالشدة في حينها، والمرونة في حينها، دون طغيان احداهما على الاخرى. فالأطفال أمانة لدينا حتى قبل أن يولدوا.
نعم إنهم يسرقون أطفالنا.. يسرقون تفكيرهم وإرادتهم وانتماءهم. فماذا نحن فاعلون؟!