في الاسبوع الماضي تحدثت بتلخيص عن مدى انتشار ظاهرة العنف في المجتمعات الاسلامية وغير الاسلامية. وسأواصل الحديث عن جوانب اخرى في هذه القضية. فالجاني (المعتدي) يكون غالبا من الاقارب. وفي دراسة اردنية جاء الاخ في المرتبة الاولى ثم الزوج ثم الاب. وفي دراسة سعودية جاء الاب والاخ في المرتبة الاولى ثم الام ثم الاخت. واوضحت تلك الدراسة ان الشخص الذي يتعرض للعنف (المعتدى عليه) في الغالب يكون من الاناث (البنات) ثم الاولاد (الذكور) ثم الام على التوالي.
ويلاحظ هنا ان المرأة هي الأكثر تعرضا للعنف وقد يرجع ذلك بسبب ضعفها الجسمي وهو احد اسباب تعرضها للعنف كما جاء في الدراسة الاردنية ومن الاسباب الاخرى: العادات والتقاليد، والظروف الاقتصادية، والابتعاد عن الدين.
اما في الدراسة السعودية، فأسباب العنف الاسري هي الخلافات الاسرية اولا، ثم اسباب اخرى ثم اسباب مادية واخيرا زوجية.
ولاشك ان للعنف اضرارا ذات اشكال متعددة فالضرر الجسدي يكون واضحا في الكسور والخدوش والجروح والتشوهات اما الاضرار النفسية فهي لا تبدو واضحة للعيان ولكن اثرها يبقى متجذرا في نفس وعقل الضحية فآثار الجسم قد تزول وتبقى الآثار النفسية التي تأتي في المرتبة الاولى في الدراسة السعودية ثم تليها الاضرار الجسدية. ترى لماذا يتم السكوت عن جرائم العنف وعدم التبليغ عنها؟ تقول احدى الدراسات ان اهم اسباب عدم التبليغ هو المحافظة على السمعة ثم المحافظة على كيان الاسرة والحرص على التقاليد والعادات وعدم الاقتناع بجدوى الابلاغ اذ انه لا تتخذ اجراءات رادعة بحق المعتدي مما يعني عودة الضحية لعرينه وبالتالي الانتقام منها بصورة اشد.
وهكذا يتضح لنا ان ظاهرة العنف اخطر مما نعتقد واكثر انتشارا ولكن (خارطة الطريق) لهذه الظاهرة تبقى معتمة وغامضة ومما يزيد في غموضها عدم توافر احصاءات رسمية موثقة عنها في دول عربية كثيرة منها الدول الخليجية.
نحن نعرف ان مجتمعاتنا ليست هي المدينة الفاضلة وان ما يدور خلف الابواب المغلقة ربما تقشعر له الأبدان خاصة الذين يعتقدون ان لديهم (تصريحا شرعيا واجتماعيا) لارتكاب مثل هذا العنف.