ليس من العادة اجترار موضوع سابق كونه فكرة تلقائية تجسد خاطرة ما تجول في النفس وبمجرد تحريرها بعد اكتمال المقومات الرئيسية لنشرها سرعان ما تحل مكانها خاطرة اخرى، وهكذا، ونحمد الله على نعمة النسيان والا اصبحنا كتلا متصلبة الفكر، عديمة الرؤى، مقاومة للتجديد من كثرة همومنا.
كنت قد تناولت قبل عدة اشهر موضوعا يتعلق بالاخبار الصحفية غير المحترفة بدءا بعناوينها الفضفاضة وانتهاء بمضامينها الفارغة، واشرت انذاك إلى ان على الصحافة المحترفة الممثلة في الخبر الصحفي واجبات اقلها اعطاء الجوانب التثقيفية او التوعوية اهمية قصوى ضمن السياق الخبري، ولم يكن ذلك حدسا مني بأن الجهة المسؤولة عن الاعلام سيتم تغيير مسماها الى وزارة الثقافة والاعلام. من اجل ذلك كان لزاما على جميع من يعملون في مهنة الصحافة سواء من داخل او خارج "الهيئة" بذل المزيد في سبيل الارتقاء بالخبر الصحفي الى الموضوعية والابتعاد كليا عن "التخبط" الذي سيزيد من الجراح المراد دملها على الاقل احتراما لمكانة الجزء الذي اضيف مؤخرا!!
اول الغيث قطرة، واعانك الله يا وزارة التربية والتعليم فالحقبة تجاوزت نصف القرن او نحوه وتحت مسمى "وزارة المعارف" كان اللوم ينصب عليك في تربية وسلوك الابناء وبعد تعديل مسماك وفي مدة لا تتجاوز نصف اسبوع طال التشكيك مشرفيك التربويين.. فقبل عدة ايام طالعتنا احدى الصحف المحلية وعلى الصفحة الرئيسية الاولى بخبر بالبنط السميك عنوانه: (مشرف تربوي يطلق النار على معلم لخلاف مالي) ترى ما الفائدة المرجوة من نشر حادث شخصي عارض يحدث بشكل لحظي في جميع ارجاء المعمورة ولماذا استخدام اسلوب ترويع اولياء الامور بأن ابناءهم تحت طائلة مجرمين محترفين تتستر عليهم ادارات التعليم المختلفة وتسند اليهم دورا في غاية الاهمية كمشرفين تربويين، متناسين الدور الحيوي الهام الذي لعبته هذه الفئة في تربية فلذات الاكباد، كان اقله زرع الثقة في نفوسهم بعد ان ضيعها بعض ارباب الاسر بسبب انشغالهم الدائم بل غفوتهم الكهفية.
لعل من المؤسف حقا تناول مثل هذه العناوين في صحفنا المحلية، وبالذات في هذه الفترة التي نعيش فيها اياما عصيبة جدا من اهوال ومصائب غير مسبوقة, اقطابها بعض فئات الشباب (الذين غرر بهم) فخرجوا عن جادة الطريق اما بسبب انشغالنا عنهم كأولياء امور، او بسبب سوء التوجيه، او بسبب تهميش دور المشرفين التربويين في المراكز التربوية التعليمية المختلفة، او.. ايا كانت الاسباب فيجب اعادة الثقة في دور المدارس كمؤسسات تربوية تعليمية ومن خلال تشجيع الانشطة اللاصفية بها، والاهم الابتعاد عن زلات التهكم (الصحفية) ودعم المشرفين التربويين الاكفاء بمنحهم مميزات وصلاحيات واسعة في سبيل احتواء وتوجيه فئات الشباب كي يكونوا لبنة صالحة في بناء هذا الوطن حفظه الله من كل مكروه وادام عليه نعمتي الامن والامان.