أخبار متعلقة
يمثل كبار السن أو المسنون تحدياً مهماً يواجه الكثير من المجتمعات المعاصرة، خصوصاً بعد تزايد التعقيدات الاجتماعية والاقتصادية التي أفرزتها الحضارة الحديثة، ومع التحولات والمتغيرات المتلاحقة والسريعة التي يشهدها عالمنا المعاصر، والتي تبدلت وتغيرت معها أساليب الحياة اليومية في كافة المجتمعات والدول، حتى أصبحت قضية كبار السن أو ما يعرف بـ " المسنين" قضية يومية بارزة على مستوى الأسرة في الكثير من شعوب العالم، خاصة منذ العقد الأخير من القرن العشرين. ويعكس الموقف الإسلامي من كبار السن أو المسنين وجهاً من وجوه النظرة الإسلامية للإنسان بشكل عام، وللأم والأب بشكل خاص، وبشكل أخص عندما يصلان إلى سن يحتاجان فيها إلى رعاية وعناية خاصة من أبنائهما أو بقية أفراد أسرتهما أو المجتمع، وهي حلقات متتالية أو متكاملة وتتحمل مسؤوليات " ترابطية" في رعاية كبار السن والمسنين. فالنظرة الإسلامية الشاملة للإنسان تنظر إليه باعتباره أرقى وأفضل مخلوقات الله سبحانه وتعالى "ولقد كرمنا بني آدم" و" لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"، ثم أمره الله سبحانه وتعالى بإعمار الأرض وكلفه بمسؤولية بنائها " أنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان". ولذلك كله كان الإنسان ذكراً كان أم أنثى أفضل مخلوقات الله سبحانه وتعالى، بل أن الله سبحانه وتعالى سخر له الكون كله أرضه وسماءه وماءه- لخدمته وتيسير مهمته واستمرارية حياته وتجدد نوعه وجنسه. وفي ظل هذه النظرة العظيمة والكريمة التي كرمت الإنسان ووضعته في منزلة سامية وكريمة، تحتل الأم والأب مكانة متفردة ومتميزة وخاصة، وفي القرآن الكريم من الآيات الكريمة الكثير الكثير الذي يؤكد تقدير الإسلام للأم وتكريمه لها وإشادته بدورها الإنساني، كما يؤكد الإسلام النظرة نفسها للأب ودوره في بناء الأسرة والمجتمع، ونجد في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله > من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ما يؤكد هذه النظرة باعتبارها "ثابتاً" من ثوابت بناء الأسرة وركيزة من ركائز بناء المجتمع. وتنطلق المجتمعات الإسلامية- وعلى نحو خاص المملكة العربية السعودية التي تحكم بشريعة الله وسنة نبيه >- من هذه النظرة المتميزة للإنسان، ولدور الأم والأب في حياة الأسرة وتضحياتهما من أجلها، ولدورهما في بناء المجتمع خلال فترة شبابهما وعطائهما من أجل تقدم المجتمع، ومن هنا يحظى الوالدان بكل التكريم والاحترام والتقدير والرعاية عندما يصلان إلى العمر الذي يوجب كل ذلك، ويستدعيه استدعاء العمل والتطبيق في كل لحظة، في كل موقع، وكل مجال من مجالات الحياة.وبصفتي أتشرف بالعمل في المجال الاجتماعي فلقد كان لصدور المرسوم الملكي الكريم بإنشاء لجنة كبار السن أثر عظيم في نفسي ولدى جميع المواطنين وتجسيد لآمال ورغبات المواطنين وهذا مما يدل على حرص حكومتنا الرشيدة ايدها الله على بذل كل جهد ممكن لتوفير الحياة الكريمة للمواطن في جميع مراحل حياته والاستفادة من خبراته وقدراته وتقديم كافة الخدمات والتسهيلات لرعايته، لتكون بمثابة لمسة وفاء وتقدير بعد حياة حافلة بالعطاء والجهد في خدمة دينه ومليكه ووطنه وسيكون هذا دافعاً لكل مواطن لمواصلة البذل والعطاء لعلمه الأكيد بأن أيدي الخير سوف تمتد إليه بعد تقاعده لتلبية مختلف احتياجاته طبقاً لما يمليه علينا ديننا الحنيف. وفي هذا الصدد فإن الهيئة الملكية للجبيل وينبع تقوم بدور بارز في مجال الخدمات الاجتماعية. فبتوجيه من سمو رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع- وبمتابعة من سعادة مدير عام الإدارة العامة للهيئة الملكية بالجبيل تم في العام الماضي افتتاح ناد اجتماعي للمتقاعدين بمدينة الجبيل الصناعية يوفر الكثير من الإمكانيات للمتقاعدين للتواصل الاجتماعي وممارسة الهوايات الملائمة. وتشتمل الصالة- التي قامت الهيئة الملكية بتجهيزها بالكامل- على ركن للقراءة وصالة للتلفزيون وركن للإنترنت وجلسة شعبية وألعاب داخلية مثل البلياردو وكرة الطاولة بالإضافة إلى صالة مجهزة للياقة البدنية وغرفة للاجتماعات وعقد الدورات التدريبية والندوات المختلفة خاصة في المجالات الصحية والاجتماعية بالإضافة إلى وجود مقهى للوجبات الخفيفة. ويتم تزويد الصالة بالصحف اليومية والمجلات الدورية والنشرات العلمية. ومن أهم مميزات النادي أنه مفتوح لمن تزيد أعمارهم على 30 عاماً وذلك لمد جسور التواصل بين الأجيال وزيادة التعارف في مناخ أسري تسوده روح الإخاء والمحبة والترابط بين أعضاء المجتمع. وأتمنى أن يتم إنشاء مثل هذه الأندية في جميع أنحاء مملكتنا الغالية قريباً.
محمد بن عبد المحسن الصالح
مدير إدارة الخدمات الاجتماعية
الإدارة العامة للهيئة الملكية بالجبيل
د. جاسم الأنصاري