أخبار متعلقة
وجه فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن حسن الدريعي عضو هيئة التدريس بكلية اصول الدين بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية والداعية المعروف انتقادات لاذعة للارهابيين الذين نفذوا تفجيرات قاتلة بمدينة الرياض.. ووصفهم في حوار مع (اليوم) بانهم من شواذ المجتمع وانهم (صائعون وضائعون) ودعا العلماء والمشايخ لفتح قنوات الحوار مع الشباب.. وإليكم نص الحوار:
@ لماذا هذه الاجواء الارهابية؟
- ان الله سبحانه وتعالى قد اعطانا في القرآن الكريم وعلى لسان نبيه الأمين فهما يجب ان نقف عنده حقا الا وهو ان الامن على الدماء والاموال والاعراض والاوطان مطلب اساسي من مطالب الحياة البشرية وهذا الامن لا يتحقق الا عندما توجد الرقابة الذاتية في قلب الانسان ولا توجد هذه الرقابة الا عندما يكون الانسان مؤمنا ولا يكون مؤمنا الا اذا كان خائفا من الله وفي الوقت نفسه مؤمن ايمانا كاملا بالعقوبات التي تترتب على انتهاكه هذه الحرمة الالهية العظيمة, وهي حرمة امن الانسان, ولا يتحقق هذا ايضا الا بوجود ضمير حي يحس بآمال وآلام الامة ويستشعر كون الحياة يجب ان تكون عامرة بالامن والاستقرار لذلك امر الله تعالى بتنصيب الامام الحاكم الذي ينفذ شرع الله وامر العلماء بان يبلغوا هذا الدين الذي يوجد بتحقيق الامن في هذا الاطار العظيم وامر المجتمع بان يكونوا كلهم قلبا واحدا ويدا واحدة وما دام المجتمع بهذه الصورة فانه لا يفكر في الاساءة لاحد حتى ولو كان هذا الغير على غير الامة الاسلامية طالما كان بينه والامة الاسلامية عهد وميثاق.. والذي وقع في مدينة الرياض قبل أيام وراح ضحيته نفوس بريئة وكذلك جرح اشخاص مظلومون وقد حجزوا عن مزاولة اعمالهم وهذا العمل لا يخدم الامة الاسلامية ولا يقيم وزنا لهذه الامة.. وهي امة معنية بتحقيق الامن والطمأنينة والبعد عن مثيرات الفتن سواء ان كان في الدماء او الاموال او الاعراض او غيرها.
ونحن قد فوجئنا بما حصل والغريب انه ربما نفذ هذا العمل الارهابي اناس ينتسبون للاسلام ولست ادري من اين يأتون للاسلام هل من الاستسلام لله ام الاستسلام لأهواء النفس واغراض الاعداء الذين يريدون اثارة الفتن والقلاقل والخوف والرعب في بلاد المسلمين اعتقد ان ما جرى امر نشاز بالنسبة لامتنا الاسلامية وانه يجب ان يتخذ كل اجراء لوقف المجرم عند حده.. وان يعرف المجتمع الاسلامي ان هذا الامر الذي حصل ليس فقط المقصود به بلد معين كالمملكة او الرياض وانما يقصد به الاساءة للاسلام والامة الاسلامية في مشارق الارض ومغاربها والاسلام برئ من الارهاب والارهابيين.
@ لماذا يستهدفون امن المملكة؟
- لاشك ان الحسد له دوره من جهة والتأثر بالخارج واغراض الاعداء في الامة الاسلامية المملكة العربية السعودية تنعم بأمن لا يوجد في اي دولة مهما كانت متقدمة حضاريا وتكنولوجيا بل هي دولة الامن والاطمئنان والله عز وجل قال في كتابه الكريم (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لايشركون بي شيئا) صدق الله العظيم.
مادامت المملكة على هذا الدين القوي عقيدة صحيحة وشريعة عادلة وعبادة خالصة لله تعالى واخلاق فاضلة بحمد الله وتعامل مع البعيد والقريب في اطار العدل والانصاف فان هذا الشرف يحسدهم عليه من فقده حتى من غير المسلمين الذين هم يعيشون في ظل الارهاب الحقيقي ليس فقط من خارج بلادهم بل من بلادهم نفسها ان الذي لا يخاف الله عز وجل سوف يفعل كل شيء ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال في هذا الشأن (ان مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى اذا لم تستح فاصنع ما شئت) فقلة الحياة من الله ومن خلقه يولد الشر والفتنة, لكن الشيء الذي يلفت الانتباه هو انه كيف توجد هذه العناصر الشريرة في قلب الامة المسلمة.. اخشى ان تكون هناك ام مسكينة او اب عاطفي يقول: ارحموا ولده وهو يعرف تخطيطاته وتحركاته ولا يعلن عنه مع اننا نحن امة الاسلام تعرف ان كل ما يسيء لامة الاسلام ظالم لذلك ورد القول المأثور (لعن الله من أوى محدثا) مادام ذلك لابد من اعادة النظر في ايواء هؤلاء.. والمملكة محسودة وهذا ليس بجديد الله تعالى اعلمنا في القرآن الكريم اننا محسودون.. قال تعالى: (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين ان ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم). فنحن لاشك محسودون ولكن طبيعة الانسان تقول اذا ادركت انك محسود فاتق الحسد ولا تفتح له بابا.
@ كيف تصف هؤلاء؟
- لا اصفهم بغير انهم صائعون ضائعون.. وانهم يريدون تغطية عيوب انفسهم بالاساءة للاخرين والا فالانسان ذو الرجولة والاقدام والآمال البعيدة في الخير لا يفكر في ان يكون نموذجا ارهابيا او نشاذا في المجتمع بل يفكر كيف يكون عضوا فاعلا وصالحا في مجتمعه فهؤلاء قد فقدوا الضمائر الحية والعقول المستنيرة ونظروا لانفسهم بان ينهوا هذه الحياة بان يدخلوا التاريخ ولكن من باب الشر وليس من باب الخير.. هم دخلوا التاريخ كما دخله فرعون الذي نلعنه كل صباح ومساء وكلما ذكر.. ودخل التاريخ قارون والنمرود وغيرهما..
@ من أين.. وكيف ولدت هذه الافكار؟
ـ هذه الافكار يظهر لي والله اعلم انها لم تولد صدفة وانما ولدت في اجواء اخطرها الثقافة الفاسدة والتركيز على الانبهار بما في الخارج الذي على غير ملة الاسلام والديمقراطية والمساواة الكذوب.. وينشأ ايضا عن الغفلة في المجتمع.. فالامة الآن اصبحت لاتتعارف فيما بينها.. حتى الجيران لايعرفون بعضهم البعض.. ولو كنا نعرف جيراننا لعرفنا خلقهم شرهم وطيبهم. ونصلحه بالنصح او بولاة الامر.. كما تنشأ من اللبنات الفاسدة بيوت لاتعمر بذكر الله ولا بمحبة الصالحين ولامحبة الخير.. فكيف ينشأ منها الرجل الصالح.. ثم الفراغ الكبير الذي يوجد عند بعض الناس.. وهي تعالج الآن ولله الحمد بالمملكة.. ونسبة الفراغ عندنا لاتساوي شيئا مقارنة بدول متقدمة كامريكا، ولكن البلاء كل البلاء الاتصال بالفئات في الخارج.. (اعرف ان هناك من لهم اتصالات بعدد من البلدان). فهو وراء مثل هذه الافعال الارهابية.. ولعل هذا يتولد بسبب قلة العلماء بالشباب.
@ في اعتقادكم من يدعم هؤلاء؟
ـ اغلب الدعم من خارج المملكة.
@ ماذا يريدون تحديدا؟
ـ يريدون تنفيذ خطة (جهنمية) بهدف اظهار قوة اسلامية قادرة على المجابهة مع غير المسلمين.. فالجماعات التي اصيبت في بلادها اصبحت تبحث عن غير ابناء بلادهم من يشاركهم في هذا الشعور ويظهرون ذلك عمليا..
وربما كان من يدعمهم ايضا من الداخل.. وما حدث عام 1400هـ قريب من هذا.. عندما جمعوا الاسلحة وادخلوها في شكل جنائز على انهم يؤدون الصلاة عليها داخل الحرم.
@ هل المستهدف الاجنبي بالمملكة.. أم هناك اجندة اخرى؟
ـ لا اعتقد انهم يريدون الاجنبي فقط.. هم يبدأون بالاجنبي ثم يجدون لهم منفذا لغير الاجنبي ولكن لن يتحقق لهم ان شاء الله.. والاجنبي لا يلحق به الضرر بهذه الصورة.. فيمكن ان لايتم التعامل معه لنهزم العدو ونكسر كبرياءه وهم الان يخدمون العدو للاسف.. وبالتالي نجد العدو غير منزعج.. (هم فاشلون والا ما كان هذا العمل).
@ ما دور ولاة الامر في كبح جماح الارهاب؟
ـ اعتقد ان ولاة الامر عندهم من العقلية الناضجة والدراسات الواعية ودراسة الماضي ومقارنة بالحاضر ما يجعلهم يقفون على طبيعة الاحداث.. عبر عدة طرق كمعرفة من هم عادة الذين يقدمون على هذه الامور وكيف يكون التعامل مع مثل هؤلاء.. وستكون هناك معالجة حكيمة ان شاء الله. ويقول الله تعالى (انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض) صدق الله العظيم..
ونعتقد اعتقادا جازما بأن ولاة الامر يد واحدة والكل ينصح الاخر منذ عهد الملك عبدالعزيز ومازرت احدا من ولاة الامر الا ووجدته بشوشا في تعامله مع العلماء والمواطنين.
@ ما دور العلماء والمشايخ في تبصير الشباب بمخاطر هذا الطريق؟
ـ الشباب هم طاقة هذه الامة هم يحتاجون لمن يحتضنهم وينظر لمطالبهم الموضوعية.. صحيح ان هناك شبابا لهم انحرافات ولكن دورنا كعلماء ان ندرس طبيعة هؤلاء الشباب. وان نناقش الشباب بهدوء بعد ان ادرس طبيعة ثقافته وطريقته لكي اقدم نصحي لكل واحد منهم بحسب فهمه.. والتعرف على مدى اهتمامهم بالعلماء انفسهم.. وقد جاء الى الرسول صلى الله عليه وسلم شاب قال يا رسول الله ائذن لي في الزنا!! فقال الرسول صلى الله عليه وسلم اتحب الزنا لامك.. فقال لا.. قال اتحبه لابنتك اولاختك او خالتك او عمتك.. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فكذلك الناس.. فقال للنبي صلى الله عليه وسلم ادعو الله لي.. فقال اللهم طهر قلبه واحصن فرجه واغفر ذنبه.. فما فكر بعد ذلك في هذا العمل.. واذا لجأ الشباب للعلماء فلن تكون هناك مشكلة وعموما العنف مع الشباب يولد المزيد من العنف.. فالدين ليس بالعواطف.. واذا كان هذا هو الحال فستجد اليوم مسلمة وفي الغد كافرة.
@ هل تعتقد ان جماعات التكفير والهجرة لها دور في ما يحدث بالمملكة؟
ـ شيء مؤكد.. وهو ليس بجديد فالخوارج عقب مقتل سيدنا علي (كرم الله وجهه) حدثت قلاقل وسفكت دماء بغير حق.. انهم يعتقدون ان الذي يموت على كبيرة انه من اهل النار ومثل هذا يجوزون قتله.. وهؤلاء الجماعة لهم خطورة بالغة على المجتمعات كافة.. والله يقول (قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا) صدق الله العظيم.
ولاشك ان هذه الجماعة ضالة وعندما ينادون بتكفير هذا او ذاك فانما يحدث شرخ في جسد الامة.
@ اتهمت جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بانها تخرج جيلا من الارهابيين.. فماذا تقول؟
ـ لاشك ان الجهة المستقيمة سواء ان كانت حكومة أو جهة او اسرة عندما لا توافق مثل هذه الافكار ستوجه لها كل الاتهامات.. وجامعة الامام لها اكثر من (30) سنة تواصل دورها وفق وسطية الاسلام.. وانا ادرس طلابي هذا الفهم.. فلا غلو في الدين او جفاء.. ونلقنهم ان هذا الدين باق واذا انحرف احد المسلمين فهذه مشكلته والجامعة تخرج الآن الاجيال التي تصحح اخطاء المجتمع المسلم ولاتوجد اي جهة الا وفيها عدد من خريجي الجامعة.. ومعظم الذين يقدمون برامج اصلاحية هم من جامعة الامام.. واقول لهم: ان هذا الواقع هو الرد الشافي.