عواصف الغبار التي تتعرض لها المناطق الشمالية والوسطى والشرقية من المملكة هذه السنة غير عادية بكل المقاييس من حيث كثافة الغبار واستمرار العواصف. عواصف الغبار الكثيف المحمول جوا من مناطق بعيدة في الشمال قد تأتي في اي فصل من فصول السنة لكنها قلما استمرت اكثر من يوم واحد لكنها هذه المرة استمرت أياما بلا انقطاع. هبوب الرياح الشمالية المحملة بالغبار في فصل الربيع من الامور المعتادة لكن الشيء غير المعتاد هو الكثافة وطول المدة ويعود ذلك الى عدة عوامل اهمها فترة الجفاف التي تشهدها المنطقة في موسم يتوقع ان تهطل فيه الامطار بانتظام وهو موسم السرايات ثم امتداد هذا الجفاف الى الصحراء العراقية مصدر هذا الغبار ثم ان اجواء فصل الربيع تمتاز بالتقلب والاضطراب الشديد لكن كثيرا ماينتج عن ذلك هطول المطر المصحوب بالرياح. غير انه بدل ان يأتي موسم السرايات بالمطر أتى هذه السنة بعواصف الغبار الذي تحمله الرياح الشمالية، وهذا نوع من انواع السرايات وستظل اجواء المناطق الوسطى والشمالية والشرقية من المملكة هذه الايام مضطربة اشد الاضطراب حتى دخول موسم البارح في اواخر هذا الشهر بسبب موسم السرايات وما يتخلله من اضطرابات جوية حادة كالتي نشاهدها هذه الايام في هذا الوقت من فصل الربيع وقد اشرنا من قبل الى ان اكثر العواصف شدة وعنفا حدثت في هذه المنطقة خلال فصلي الربيع والخريف لما يتسمان به من اجواء غير مستقرة. وتعتبر السرايات مثالا حيا على مدى تأثير ظاهرة التداخل بين الفصول. والسرايات هي العواصف الماطرة التي تأتي في معظم الاحيان مصحوبة بالرياح الهوجاء المحملة بالغبار والاتربة التي يتغير اتجاهها وسرعتها في لحظات.