يواجه الاتحاد الأوروبي خطر تهميش فعلي في مجال التقنية المتطورة والعلوم الحديثة.
وحذرت المفوضية الأوروبية من التصاعد الفعلي والمستمر للهوة التي تفصل الاتحاد الأوروبي عن الولايات المتحدة في مجال البحث العلمي والتقنية المتطورة .
وعكست الحرب الأخيرة ضد العراق ومستوى التقنية الأمريكية المتقدمة التى تم الركون إليها خلال العمليات العسكرية التقدم الأمريكي الصارخ على جميع دول الاتحاد الأوروبي دون استثناء.
وبينت دراسة رسمية أوروبية اشرف عليها عضو المفوضية الأوروبية المكلف بشؤون البحث العلمي فيليب بيسكان ان هدف أوروبا الوارد في قمة لشبونة عام 2000 أن يصبح الاتحاد الأوروبي أول قوة معرفة في العالم يبدو بعيدا كل البعد حاليا عن ان يصبح حقيقة واقعة .
وكانت الدول الأوروبية قد اتفقت العام الماضي على تكريس ما يناهز الثلاثة بالمائة من صافى دخلها الوطني لشؤون البحث العلمي وحفز التقنية المتطورة ومجالات العلوم الحساسة مقابل تكريسها حاليا لاقل من اثنين فى المائة فقط.
وتخطط الدول الأوروبية إلى جعل الدفع بالبحوث العلمية المتطورة اداة حاسمة لزيادة نسبة النمو بواقع خمس من عشرة بالمائة سنويا اعتبارا من عام 2010 وخلق نصف مليون موقع عمل اعتبارا من ذلك التاريخ .
وقال فلبيب بيسكان مسؤول البحث العلمي فى الجهاز التنفيذي الأوروبي أن الدول الأوروبية لا تبدو حاليا قادرة على تكريس مبالغ إضافية حاسمة للمختبرات والمعامل المتطورة وهو ما سينتج عنه بشكل مباشر تراجع لمكانة أوروبا الدولية على الساحة العلمية والتقنية العالمية ولصالح الولايات المتحدة.
وتكرس واشنطن حاليا ما يناهز اثنين وثمانية من عشرة في المائة من دخلها الوطني الخام لقطاع البحوث والتقنية المتطورة ويبلغ الفارق في المبالغ المالية المكرسة أوروبيا وأمريكيا حاليا للبحوث اكثر من ثمانين مليار دولار لصالح الطرف الأمريكي.
وقامت الحكومة الأمريكية العام الماضي بتعويض المؤسسات والشركات المتخصصة في البحث العلمي عن الخسائر التي لحقت بها نتيجة الأزمة التي هزت أسواق المال العالمية.
وتقوم الدول الأوروبية وفى معالجتها للمصاعب الاقتصادية والعجز المسجل على موازناتها باستقطاع الأموال المخصصة للبحوث وتوجيهها إلى قطاعات أخرى لأغراض سياسية.
وتتصاعد الهوة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حاليا وبشكل مثير فى مجال البحوث العلمية والتقنية المكرسة لمجال الدفاع والتصنيع الحربى.
وتتمثل المصاريف المالية المخصصة لقطاع البحوث العسكرية في الولايات المتحدة حاليا نصف مجمل المخصصات المالية المعلنة للبحوث العلمية فيما لا يخصص الأوروبيون سوى 15 بالمائة من موازنات البحث العلمي لقطاع الدفاع حاليا.
وبلغ الإنفاق في البحوث العسكرية الأمريكية عام 2000 مبلغ 46 مليار دولار اى خمسة أضعاف ما كرسه الأوروبيون مجتمعون.
وتقول المفوضية ان الهوة تتصاعد مع تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش للفترة من عام 2004 إلى 2009 والتي تنص على تكريس مبلغ إجمالي قدره 80 مليار دولار للبحث العسكري .
وتواجه أوروبا وحسب خبراء المفوضية الأوروبية ضعفا هيكليا واضحا فى مواجهة الولايات المتحدة يتمثل فى الدور المحدود الذي يقوم به القطاع الخاص فى مجال البحث العلمي على خلاف ما هو معمول بها أمريكيا.
وتريد المفوضية ان تقوم الحكومات الاوروبية بتشجع القطاع الخاص عبر اغراءات ضريبية للاستثمار الفعلي في مجال البحث العلمي وتطوير المختبرات والمعامل المتطورة والمتخصصة .
وتعكف المفوضية الاوروبية على بلورة إطار ضريبي محدد فى هذا الاتجاه و تشجيع المؤسسات الأوروبية التى تلتزم بحفز البحث العلمي وتمكين الباحثين وخريجى الجامعات من امتيازات مادية ومعنوية للعمل مع المؤسسات الاوروبية.