نود في هذا اليوم ان نكاشف انفسنا حول نقطة جديرة على ما نعتقد انها تستحق منا التأمل والملاحظة ومن ثم الاعتراف بحدود المسؤولية سواء بالايجاب او السلب تجاهها، وتتمثل في شعور العديد من الدارسين الاجتماعيين والنفسيين والمحللين ان في المجتمع السعودي استثناء من المجتمعات الخليجية المجاورة رغم التقارب في العادات والقيم المشتركة والمستويات الاقتصادية والمعيشية نزعات نحو العنف الداخلي والخارجي تمثلت بداياتها في فتنة الحرم الشريف وصولا لتفجيرات الخبر ونيويورك والرياض وهواجس من حدث آخر في جدة حيث تم اغلاق القنصلية الامريكية هناك حسبما صرح به في (اليوم) بتاريخ 18 من هذا الشهر.
وقد كنا بعد احداث سبتمبر 2001م مباشرة نحاول ان نوهم انفسنا بان السعوديين لا يمكن ان يكون لهم صلة بتلك الاحداث المفزعة وان التقارير عن وجود 15 عنصرا ضمن طاقم الانتحاريين قد تكون لعبة استخباراتية من اي طرف لضرب المصالح المشتركة بين البلدين، الا اننا ايقنا بعد ذلك ان الرقم 15 قد تكرر في هجمات الرياض على ثلاثة مواقع سكنية لآمنين لا حول لهم ولا قوة سوى انهم يحملون ملامح غربية وعاد هذا الرقم ليمثل استراتيجية تتطلب منا على وجه الخصوص معرفة مكنونات هذا العدد ومضاعفاته، ولماذا اختير دون رقم عشرة او عشرين؟ اننا نعتقد ان الثلث من العدد الكلي يمثل اولا: رأس الحربة ومن خلفه اثنان لمرحلة الهجوم ومن بعدهما اثنان آخران لمرحلة الدفاع عن الخلية في انموذج انتحاري بعيد عن مضاعفات العدد المزدوج كعشرة الذي يمثل عبئا في التحرك والتنقل والخفة.
اننا نتساءل كغيرنا في الداخل والخارج: لماذا خرج هذا الرقم من شباب المجتمع السعودي وفجر نفسه واهلك الحرث والنسل وارعب الآمنين المسافرين في الجو والعاملين بمكاتبهم في الارض والمصلين في مسجدهم الحرام والنائمين على اسرتهم ولطخ سمعتنا في المحافل الدولية واضحينا بين عشية وضحاها من سلالة دعاة ومصلحين ومبلغين الى واقع مخيف ومفزع ومحزن في نفس الآن.
فما المعطيات التي تغيرت؟ وكيف ترعرعت؟ وما السبيل لاصلاحها؟ وما الاجراءات لحماية بقية الشباب من هذا الداء العضال؟
اننا نتصور انه يجدر بنا عمل الآتي في نطاق التساؤل الرابع: اعادة تشكيل النوافذ التعليمية وادواتها التي من خلالها يتغذى الفكر والوجدان لما لها من دور يتفوق على الاسرة والعقل الوسطى. افساح المجال للشباب للتعبير برأيه والاستماع له وحل مشاكله بدءا من دراسته الجادة في الجامعات وصولا لوظيفته التي توفر له الاستقرار الاسري.
صياغة برامج شاملة تعنى بالنشاطات الشبابية تكون قريبة من افئدتهم محافظة على هويتهم واصالتهم مجنبة لهم الغلو والتطرف. اقتباس بعض من الايديولوجيات والنماذج العالمية في نطاق الشرق الاوسط والدول الغربية التي عظمت دور الانتماء للجذور الوطنية ورموزها قديما وحديثا. تشكيل لجان او مجالس او اندية شبابية عامة في الاحياء والمدن والقرى اسوة بما هو موجود في الملحقيات التعليمية بالخارج تتولى تفعيل الانتماء الوطني عند المنتسبين وتكون حلقة وصل فيما بينهم وبين ولاة الامر بشكل مباشر.