(طب قديم لعصر حديث) كانت هذه افتتاحية مجلة العلوم الطبية جاما GAMA الأمريكية في بداية الشهر الحالي، فالإبر الصينية أسلوب علاجي قديم قدم التاريخ يزاوله أطباء الشرق الأقصى منذ 2500 سنة على الأقل وقد تعاملت السلطات الصحية في الدول الغربية لفترة قريبة من الزمن بحذر شديد مع هذا الأسلوب العلاحي، ولم تأخذه بالجدية، المطلوبة لكن تحت ضغط الدعاوى المقدمة من المرضى الذين خضعوا لهذا الأسلوب، حيث سجلت حالات شفاء من امراض استعصت على الطب الغربي، اضطرت الجهات الصحية في عدة دول إلى إجراء دراسات سريرية فعلية تبين على ضوئها اهمية الإبر الصينية في تحريض المناعة والحفاظ على توازن سوائل الجسم، والأهم من ذلك قدرة الإبر الصينية على تخفيف الآلام المزمنة بشكل عام .
اعتراف
السلطات الصحية الأمريكية مثلا، اعترفت بشكل قانوني بأهمية العلاج الصيني، إذ سمح معهد الصحة الوطني رسميا، باستخدام الإبر الصينية في معالجة بعض الحالات المرضية وذلك استناداً إلى تقرير قدمته لجنة طبية مؤلفة من 12 عضواً، مكلفة من قبل وزارة الصحة لتقييم فائدة الإبر الصينية ورد في التقرير أن دليلا واضحا على فائدة الإبر الصينية في السيطرة على الشعور بالغثيان والتقيؤ بعد إجراء العمليات الجراحية بالتخدير العام، وبعد تعريض المرضى للمعالجة الكيميائية، كما بينت اللجنة أن للإبر الصينية فوائد كبيرة في السيطرة على الألم خاصة آلام الأسنان وآلام المفاصل والعمود الفقري.
كما يمكنها السيطرة على الغثيان لدى النساء الحوامل في الأشهر الأولى من الحمل. واوضح رئيس اللجنة ديفيد رامزي من جامعة ماريلاند في بولتيمور أن هناك عدداً من الدراسات تشير إلى إمكانية استخدام الإبر الصينية كمعالجة أساسية لبعض الأمراض المستعصية مثل الإدمان، على المخدرات، وإعادة تأهيل المرضى المصابين بالسكتات الدماغية والذين يعانون من الصداع المزمن، والتقلصات الرحمية أثناء الدورة الشهرية وآلام المفصل المرفقي نتيجة لعب كرة المضرب، والربو .
مبدأ الإبر الصينية
يعتمد المبدأ الشعبي العام للإبر الصينية على أن ثمة نماذج أو أنماطاً محددة لسبل الطاقة في الجسم، وتلعب هذه النماذج دوراً مهما في الحفاظ على الصحة. والمعتقد أن اختلال توازن سبل الطاقة هذه اوانقطاعها مسؤول عن حدوث المرض. وبالتالي يكمن دور الإبر الصينية في تصحيح سبل الطاقة المذكورة لإعادة الصحة والنشاط للجسم بيد أن علماء الفيزيولوجيا البشرية يرون حاليا أن الإبر الصينية تعمل بواسطة آليات متعددة منها : تحريض الأعصاب الحسية الغليظة المسؤولة عن تثبيط الألم ولذلك يلاحظ انخفاض في شدة الألم العصبي والمفصلي . تحريض إفراز بعض الوسائط العصبية في الجسم المؤثرة على الألم والمسيطرة على التقيؤ. تحريض الجهاز المناعي عن طريق الشحن النفسي والفكري الإيجابي أو ما يسمى بالطب الإيحائي .
انتشار
كما سبقت الإشارة، لم يدخل الطب الشعبي والإبر الصينية إلى الوسط الأوروبي والأمريكي بشكل فعال إلا في بداية العقد الحالي وصرح ديفيد ليتل من إدارة الاغذية والأدوية الأمريكية أنه يجري علاج ما لا يقل عن 10 ملايين مواطن أميركي سنويا بواسطة الإبر الصينية ولقد انتشر هذا النوع من الطب في العديد المراكز الصحية، حيث يقوم بمزاولته أطباء متخصصون وأطباء أسنان، واختصاصيان بالطب الصيني، وذلك لمعالجة العديد من الأعراض والأمراض .
وقال ليتل أن تحول الناس إلى متابعة المعالجات القديممة، خاصة الإبر الصينية، دليل واضح على أن تطور البحوث العلمية الحديثة ليست بالمستوى الذي يتوقعه الناس لحل مشاكلهم المستعصية خاصة المشاكل العادية التي يعانون منها بشكل يومي مثل الألم المزمن، الصداع...الخ ولذا أصبح من الضروري وضع أسس علمية للطب الشعبي لكي يتسنى للاختصاصيين استخدامه على أكمل وجه، وكذلك لمحاولة ربطه مع أساليب العلاج الحديثة. وربما يقود هذا الربط إلى إنتاج أساليب علاجية حديثة.
تقييم
من ناحية أخرى درس الأطباء الأميركيون أخيراً الإبر الصينية ضمن تجارب مقارنة سريرية، وعاملها الأطباء ، كأي دواء جديد يحتاج إلى إثبات لفوائدة قبل الحصول على موافقة الإدارة FDA على استخدامه. ولوحظ أثناء التجارب أن الإبر الصينية لا تقل فعالية عن أي دواء غربي يستخدم لهدف المعالجة ذاته. وفي ضوء هذه النتائج خلصت اللجنة إلى نتيجتين هما : أولا: يجب إجراء بحوث مكثفة لمعرفة فيزيولوجية تأثير الإبر الصينية على الجسم، فالتحليل الغربي يركز على مجموعة من الاحتمالات مثل: أن الإبر الصينية تطلق يتيدات عصبية تؤثر على الغدة النخامية وغدة تحت السرير البصري حيث تنطلق مجموعة من الهرمونات المؤثرة على الجسم.
كما نوه مجموعة من العلماء بأن الإبر الصينية تؤدي إلى بعض النوافل العصبية التي تلعب دوراً في تنظيم الدم في بعض الأعضاء .
ثانيا: قد تكون الإبر الصينية مفضلة على المعالجة الدوائية لانها تخلو من المضاعفات الجانبية السلبية التي يمكن أن تحدثها العقاقير ، مثل القصور الكبدي والقصور الكلوي، ولذا يجب أخذ هذه التجربة بشكل جدي .