دخلت قرية " الصلو " ببلاد اليمن السعيد التاريخ من أوسع أبوابه فعلى ترابها ولدت إحدى معجزات هذا الزمان، معجزة تحدت ظروف البيئة القاسية.. معجزة قهرت الظلام، ورغم أنها لم تتخط بعد الثامنة من العمر ورغم أميتها الدراسية إلا أنها استطاعت حفظ القرآن الكريم سماعيا ومعه أكثر من 350 قصيدة من الشعراء القدامى.. أنه المعجزة جمال مظهر عبد الله الذي سرق الأضواء من عباقرة العلم ورواد الفكر خلال تكريمه معهم في احتفالية المؤتمر الأول لمؤسسة الفكر العربي برئاسة سمو الأمير خالد الفيصل وعقب حصول جمال على جائزة الموهوبين من سمو الأمير.. كان لـ " اليوم" معه هذا الحوار: في البداية نود منك أن تقدم نفسك للقارئ؟
- اسمي جمال مظهر.. ولدت في قرية الصلو باليمن وهي قرية نائية في حضن الجبل مما جعلها محرومة من كافة الخدمات والمرافق الأساسية عمري الآن ثماني سنوات ولم ألتحق بعد بالمدرسة لأنني لا أستطيع الرؤية بالنهار بينما أرى جيداً في الظلام واحفظ 22 جزءا من القرآن و 350 قصيدة لكبار الشعراء، كما أجيد نظم الشعر.. ولي من الأخوة ثمانية ودخل والدي تقريباً ثمانية آلاف ريال يمني أي تقريباً 200 جنيه مصري. رغم الظروف شبه القاسية التي تعيشها وعدم التحاقك بالمدرسة.. كيف تمكنت من حفظ القرآن الكريم؟
- من خلال شيخ القرية استطعت أن احفظ القرآن "سماعي" وكذلك الشعر وفيما يتعلق بالمعلومات الثقافية فقد اعتمدت على الأنصات إلى المذياع الذي ربما يكون الصديق الوحيد الذي لا يفارقني.. وساعدني في ذلك قدرتي الكبيرة في الحفظ لدرجة تصل إلى حفظ الشيء بمجرد سماعه من أول مرة بسرعة فائقة. وما هي حكاية عدم رؤيتك بالنهار في حين ترى جيداً في الظلام؟
- نعم هذه الظاهرة أعيشها ففي النهار لا أرى شيئاً أطلاقاً.. وحينما يجن الليل ويسدل الليل ستائره على الكون ويعم الظلام المحيط حولي أخرج للسير لاستمتع بألوان الطبيعة والأشجار من حولي، وبإمكاني أن أرى الأبرة عن بعد بل لو كانت نملة تسير على الرمال لاستطعت رؤيتها. ولماذا لم تعرض نفسك على الأطباء لتشخيص حالتك وعلاجها؟
- بالفعل سافرت إلى ألمانيا على نفقة الدولة بناء على قرار الرئيس اليمني علي عبد الله الصالح الذي شاهد حالتي من خلال أحد البرامج فاصدر قراره ولكن للأسف الأطباء في ألمانيا وقفوا مذهولين أمام حالتي وقالوا لنا أن هذه الحالة تعد ظاهرة عجيبة وليس لها علاج.
إذا هل وجودك في مصر للبحث عن العلاج الذي لم تجده في ألمانيا؟
- ليس هكذا بالضبط وان كنت فعلاً حضرت للعلاج ولكن ليس بشأن الرؤية، وإنما حضرت للعلاج من حالات الصرع التي اتعرض لها وما أشاهده من صور غريبة بزيها الفضي وكأنها من عالم آخر غير الذي أعيش فيه. كيف يتعامل معك الأطفال الذين تجلس معهم؟
- في الحقيقة لا أميل للجلوس مع الأطفال لأنني أشعر بأن هناك اختلاف كبير في مستوى التفكير بيني وبينهم، في حين أجد نفسي ذا ميول أكثر للجلوس مع الرجال الكبار والحديث معهم. ما هي الحكمة التي تؤمن بها؟
- لا معنى لليأس مع الحياة، ولا معنى للحياة مع اليأس. هل بإمكانك أن تنقل لنا مشاعرك لحظة تكريم سمو الأمير خالد الفيصل لك ضمن الموهوبين العرب؟
- انتابتني لحظة سعادة غامرة ازالت عن عيني غشاوة الظلام، وشعرت بالدنيا تأخذني بين جناحيها لاسيما وقد شملني التكريم بين مبدعين ورواد عرب على مستوى العالم مثل د. فاروق الباز العالم المصري في أمريكا والدكتور انطوان زحلان وغيرهم ممن لهم باع عظيم في الحياة العامة وعلى الإنسانية جميعها. ما هي أمنياتك؟
- أن أرى أطفال فلسطين وقد تحرروا من هواجس الخوف.. فقدوا عذوبة طفولتهم. ولكن ماذا عن أحلامك الشخصية؟
- أن يتمكن الطب من علاجي وأن تتاح لنا بعض من الحياة الكريمة لي ولأسرتي.
