ومما لاشك فيه ان بلاد الحرمين تقوم فيها شعيرة الحسبة وان كان ذلك ليس على الوجه المرضي لكن رجال الحسبة يقدمون خدمة جليلة للمجتمع فهم يحرصون على نشر الفضيلة والقضاء على الرذيلة فيحفظون الاعراض ويكتشفون اهل السحر والشعوذة والمذاهب الهدامة ويسهمون في القبض على المجرمين ومهربي المخدرات بل ان اكثر ما اكتشف من الجرائم وراءه رجال الحسبة على قلة في العدد والعدة مع كثرة من يحاربهم ويعاديهم ويسعى لتشويه صورتهم امام العامة والخاصة, لكن حسبهم الله ونعم الوكيل.. ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز ولايفوتني ان اشكر سمو الامير نايف على وقوفه الى جانب هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واعتبار جهازها من اهم اجهزة الدولة ولعل مما يجدر بالمسلم والمسلمة ان يضع له جدولا يوميا يقدم فيه القدر المستطاع من امر الحسبة ومن ذلك ان يحتسب على نفسه من حيث اعمال الطاعة لله تعالى ومن حيث تقصيره في عمله الموكل اليه لرفع الصوت بالذكر ليهرب الشياطين وينصح المسلمات بالحجاب الشرعي بكل آدب.
ومن الاحتساب على من يرفع اصوات الغناء في السيارات او المحال التجارية مثلا تقديم النصح مع هدية كشريط او كتيب او مطبوعة كبديل مما هو فيه فكم لذلك من الاثر وربما تكون نقطة تحول في حياة ذلك العاصي الى التوبة الصادقة ومن الاحتساب الكتابة سواء في الصحف او المجلات او عبر شبكات الانترنت بتقديم النصح تارة والتنبيه على المخاطر المحدقة بالامة تارة والرد على اهل الشر والنفاق والزندقة تارة وهذا هو جهاد الخاصة من الناس وهم قلة في العالم, وانها لفرصة ان نبدأ وقد تأخرنا للقيام بهذه الشعيرة العظيمة شعيرة الحسبة والاحتساب كل بحسب استطاعته.
وهناك اماكن جاهرت بالمنكرات وينبغي ان يركز على الاهتمام باظهار هذه الشعيرة العظيمة فيها:
1- القنوات الفضائية وشاشات التلفاز وقد اصبحت حربا للاسلام والمسلمين على مدار الساعة والسعي الحثيث على البديل الذي يملأ فراغ الناس انشاء قنوات فضائية تنشر الخير وتجنب الناس فيه وتحذرهم من الشر واهله.
2- الاحتساب على مقاهي الانترنت فانها تحدث فيها منكرات عظيمة حيث يؤمها الكثير من الشباب المراهقين وهناك طرق متعددة لكسر الحواجز حتى يتوصل الى الفضائيات بين الشباب والشابات, كما ان هناك تجارة لما يستنسخ من الشبكات عبر الدسكات وفيها من السقوط الاخلاقي ما الله به عليم.
3- الاحتساب على منكرات الاسواق وما يحدث فيها من الاختلاط والمعاكسات وتشبه النساء بالرجال في الملبس وكذلك العكس وهي ظاهرة بدت تغزو الاسواق كظاهرة كشف وجوه النساء في الاسواق والسيارات اصبحت ظاهرة تزداد كل يوم وجبن كثير من الناس عن الاحتساب على هذه الظاهرة ولو بالاشارة الى التذكير بالواجب.
4- الاحتساب على منكرات الافراح بتجنيد اكبر قدر ممكن من النساء الصالحات للدخول الى هذه الاماكن والقيام بشعيرة الاحتساب على من يلبس العريان او يتشبه بالكفار او يحضر المغنيات الماجنات مع احضار بدائل تغني عنها وتقوم مقامها كما ينبغي الاحتساب على مالكي قصور الافراح بان يضعوا شروطا وضوابط تشتمل على وجوب احترام شعائر الدين وتحذر الناس من الوقوع في تلك المنكرات ومنها التأخر في الليل الذي اصبح كأنه عادة للناس الى الفجر.
5- الاحتساب على ما يحدث من اختلاط في الحدائق والمطاعم العامة والاستراحات بدعوى انها للعوائل وكأن العوائل اسرة واحدة بل يجب ان تخصص اماكن للرجال واخرى للنساء.
6- الاحتساب بالتنبيه على خطر مخالطة الكفار واهل العقائد الباطلة فان كثرة الامساس يبطل الاحساس ويضعف عقيدة الولاء وابراء.
7- الاحتساب على ظاهرة جديدة انتشرت بين الشباب وهي تجمعهم ليالي العطل ولبس نوع مخصص من اللباس والاشتراك في رقص جماعي وهي امتداد لحركة عبدة الشيطان ولابد من شغل فراغهم والحرص على ايجاد اعمال مناسبة لهم.
8- الاحتساب بالدخول الى الاماكن التي يمارس فيها بعض البدع كبدعة المولد وبيان ما يقعون فيه من شركيات وتوسل غير مشروع وعقائد وادعية غير مشروعة والتعاون مع رجال الحسبة في هذا المجال وان مما يجب كسر حاجز الخوف والقيام بشعيرة الاحتساب رجاء ما عند الله كما يجب اعتقاد ان الرزق بيد الله تعالى فلا يجوز ترك هذه الشعيرة خوف انقطاع الرزق. ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين.
9- الصبر على ما يقع في هذا الطريق اذ ان الابتلاء سنة الله تعالى في اعز خلقه عليه وهم الانبياء واليقين ان النصر مع الصبر وان العاقبة للمتقين (ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) اللهم احفظ بلادنا من كل سوء ومكروه واعن رجال الحسبة واجزهم خير الجزاء على ما يقومون به من عمل الخير وكف الشر وتطهير البلاد من الشر واهله وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
د. علي بن سعيد الحجاج الغامدي
استاذ الفقه بالمسجد النبوي وعضو هيئة التدريس بجامعة الامام (سابقا) المدينة المنورة