تواجه الاقتصاديات النامية والانتقالية تطورات هامة وجديدة في البيئة العالمية لا يقف تأثيرها عند شكل وطريقة تشغيل نظم التعليم العالي, بل أيضا يطال غرض هذه النظم. ومن بين الأبعاد الأكثر حسما في التغيير الآثار المتقاربة للعولمة والأهمية المتزايدة للمعرفة كمحرك أساسي للنمو بالاضافة الى ثورة المعلومات والاتصالات.
وقد تنشأ عن هذه الخدمات, الفرص والتهديدات على حد سواء, ومن الناحية الايجابية فان دور التعليم العالي بناء اقتصاديات المعرفة والمجتمعات الديمقراطية هو أكثر تأثيرا من أي وقت مضى.
فالتعليم العالي هو أساس ايجاد القدرات الذهنية التي يعتمد عليها انتاج المعرفة واستخدامها والارتقاء بممارسات التعلم مدى الحياة. والتطور الآخر المواتي يكمن في بروز أنماط جديدة من معاهد التعليم العالي بالاضافة الى أشكال جديدة للمنافسة تدفع المؤسسات التقليدية لتغيير طرق تشغيلها وانتاجها وتستفيد من الفرص التي أتاحتها المعلومات وتكنولوجيا الاتصال لكن هذا التحول التكنولوجي يحمل أيضا خطر فجوة رقمية متزايدة بين الشعوب وفي داخلها.
وفي نفس الوقت, فان معظم الأقطار النامية والأخرى في مرحلة الانتقال ما زالت تصارع الصعاب التي أفرزتها الاستجابات غير الكافية للتحديات الطويلة التي تواجه نظم التعليم العالي. ومن بين هذه التحديات التوسع المستمر في تغطية متطلبات التعليم العالي والنتائج وتحسين نوعية التعليم وادخال هياكل أكثر تحكما وممارسات إدارية فاعلة.
والمملكة العربية السعودية غير محصنة تجاه هذه التحديات. ففي حين ان اعداد الملتحقين بالتعليم العالي قد ظل يتزايد منذ السبعينيات قد وصل الى 19 بالمائة عام 1998م وان متوسط هذا النوع من التعليم فاق 50 بالمائة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وهذه النسبة المتدنية تدل على ان شريحة صغيرة فقط من الشباب السعودي تتلقى تعليما عاليا بيد انه من المتوقع ان ينمو السكان بمعدل أكثر من 3 بالمائة ما بين عامي 2000م و2020م. كما ان نوعية التعليم العالي والقدرات البحثية تبدو ضعيفة يضاف الى ذلك ان النقص في المهارات المطلوبة كتلك الموجهة للعمل والإلمام باللغة الانجليزية بين الخريجين من الأشياء التي يشير اليها المخدمون المحتملون وان استعمال شبكة المعلومات والهاتف وأجهزة الحاسوب موفرة لعدد محدود.
ونتيجة لذلك يقترح ادخال تغييرات على مجالات التوسع المستمر في التعليم العالي بحيث تزيد الجامعات الحكومية من معدلات القبول.
ولكن ذلك لا يكفي اذا لا بد من انشاء معاهد للتعليم العالي وتنمية التعليم العالي الخاص, ويجب توفير آليات للتأكد من الجودة والنظم المحفزة لتحسين طرق التدريس ـ كما يجب تعزيز نوعية التدريب على البحث بالاضافة الى توفير فرص التدريب في الخارج لاعداد أكبر من الطلاب. مع ضرورة تعزيز ربط التعليم باحتياجات سوق العمل بالتعاون مع قطاعات الأعمال والصناعات الوطنية.
بالاضافة لذلك, يجب ان تنسجم فرص القبول والمناهج مع المهارات المطلوبة في سوق العمل وتوفير الفرص التعليمية. كما ان على التعليم العالي ان يساهم في سد الفجوة الرقمية.
وختاما يجب التنبيه الى ان التطبيق الأعمى لنموذج دول التعاون الاقتصادي والتنمية لن يجدي نفعا ما لم تكن التغييرات المطلوبة في مجال التعليم العالي مراعية لثقافة المملكة العربية السعودية ومتخذة إياها كأساس تبنى عليه مناهجها.
البنك الدولي