يبدو ان منهجية الامر الواقع التي فرضتها الآلة العسكرية الامريكية اعادت الكثيرين لرشدهم بما فيهم زعماء اوروبا الجدد شيراك شرودر وبوتين.. بل من نافلة القول الجزم بأن الوضع الذي آلت اليه الامور في العراق مكن الدبلوماسية الامريكية من استعادة دورها المؤثر الذي احتوت بموجبه مواقف من وقفوا في وجه العمل العسكري، بل وجيرت لصالح واشنطن وبأثر رجعي اقرارا دوليا من مجلس الأمن بشرعية الوصاية الامريكية/ البريطانية في العراق وادارة العراق وتصريف اموره مثل اي حكومة وفوق هذا وذاك شرعية الحرب ومنهجية ازاحة الانظمة بالقوة وهذا هو الاخطر في عالمنا.. بقرار مجلس الامن الخاص بتحرير العراق من نظام العقوبات الذي فرض بعد حرب تحرير الكويت، استحصلت واشنطن على مسمى السلطة بدلا من قوة احتلال وتفويض هذه السلطة لادارة مطلقة للشأن العراقي على مدى عام قابل للتمديد بطبيعة الحال فيما اذا شعرت واشنطن بأن خارطة العراق الداخلية كنظام سياسي اقتصادي مجتمعي لا تتماشى وحسابات غنائم المغامرة الحربية.. اليوم احمد الجلبي ورموز العمل السياسي المعروف سابقا بالمعارضة يتحدثون صراحة عن خروج صريح لواشنطن على ما التزمت به كقوة مخلصة لتتصرف عكسية الان كقوة وصاية وبغطاء شرعي دولي.. وهذا في حد ذاته يعني ان مغامرة الحرب نفسها كانت بحاجة لغطاء ترويجي يسهل على الرأي العام العراقي والعربي فكرة الحرب وازاحة النظام الحاكم، وهو مالم يكن ممكنا الا باستقطاب معارضين عراقيين مرحليا على الاقل.. امريكا اليوم حتى مع غطاء الشرعية الدولية، تدرك اكثر واكثر أن جنرالات البنتاغون بحساباتهم العسكرية هونوا على واشنطن مرحلة ما بعد اسقاط النظام البعثي.. وهذا بطبيعة الحال تكشف مؤخرا في فشل واشنطن في الانتقال من الحربي للمدني وبالاخص في ادارة الاحتياجات الاساسية للعراقيين والخدمات الاخرى كالكهرباء والاتصالات وإيجاد المناخ الداخلي المستقر لبلورة الحوار العراقي العراقي وولادة نظام سياسي يسد فراغ السلطة ويهيىء لحكومة شرعية تمثل كل العراقيين وتعترف بها دول الجوار.. امريكا مثلا نجحت في تحرير البلد من العقوبات لتسهل لنفسها كسلطة وجودا يخدم حساباتها الاقتصادية والجيوبولتيكية.. الوقت على اية حال في غير صالح امريكا مع تنامي غضب العراقيين تجاهها وبالاخص فرمانات ابعاد البعثيين وما سيتلوها من محاكمات لرموز النظام.. وهذا شأن عراقي تتولاه حكومتهم الشرعية لاحقا..