نظم قسم التخطيط بكلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك فيصل بالتعاون مع امانة مدينة الدمام مؤخرا لقاء علميا بعنوان (يوم التخطيط) ، وقد ألقى وكيل امين مدينة الدمام المهندس جمال بن ناصر الملحم الكلمة التالية في حفل الافتتاح الذي اقيم برعاية معالي مدير الجامعة الدكتور يوسف الجندان فيما يلي نصها :
لقد تعرضت مدن المملكة في العقود الماضية لديناميكية عمرانية متسارعة وتطورات تنموية متميزة يدعمها اقتصاد وطني متماسك، وقد أدى ذلك الى اتساع المدن وتنامي انشطتها الوظيفية والعمرانية، وهذا التطور السريع للمدينة السعودية افرز تجارب عديدة وخبرات متراكمة تستوجب فحصها وتحليلها والاستفادة منها في رسم مستقبل المدينة السعودية.
ومع تسارع وتيرة النمو والتغيير في المدينة السعودية طفت على السطح مشاكل تخطيطية لا حصر لها، وهذه المشاكل تتطلب العمل الجاد من قبل المسئولين والمتخصصين على معالجتها وتطوير الحلول الملائمة لها، وفي خضم تحديات العصر فقد اصبح (مخطط المدن) امام تحديات كثيرة تتطلب الاستعداد لها، وهذا الاستعداد يجب ان يبدأ من مرحلة التعليم الجامعي التي تشكل فكر ورؤية هذا المخطط وتزوده بالمعارف والمهارات الاساسية في مجالات التخطيط. لقد آن الاوان لان نعيد النظر في طريقة اعداد وبناء (مخطط المدن) لتكون اكثر استجابة للمتغيرات وتعكس التحول الكبير في مفهوم تخطيط المدن في ظل تحديات العولمة وثورة المعلومات والاتصالات.
ان العملية التخطيطية لا تأتي كفعل ابداعي مجرد عن اي ارتباط بمجموعة العوامل والمؤثرات البيئية والعمرانية والاجتماعية والاقتصادية التي تشكل في مجملها النظام الحضري للمنطقة او المدينة، وانما هي عملية ناتجة عن دراسات وافية ومنهجية محددة وتحليل لمجموعة من العوامل المؤثرة في العملية التخطيطية، مضافا اليها عنصر الابداع التخطيطي المتجاوب مع معطيات الحاضر ومتطلبات المستقبل ومن دون اهمال لخصوصية المجتمع وثقافته وتراثه المعماري والحضري. وهذه العملية تتطلب جهودا جماعية مشتركة تقوم بها مجموعة من التخصصات المتنوعة، ويكون (للمخطط الحضري) دورا قياديا في هذه العملية التي تتطلب بدورها اجراء عمليات البحث والتحليل لكثير من المعلومات والبيانات بهدف التوصل الى الاستنتاجات التي تشكل القاعدة الرئيسية في عملية اتخاذ القرارات التخطيطية.
ونحن هنا نشدد على اهمية بناء (المخطط السعودي) واعداده علميا ومعرفيا لكي يقوم بدوره المهني على الوجه المطلوب بعد ان يودع قاعات الجامعة وينطلق نحو آفاق الممارسة المهنية في الواقع العملي، واذا كانت كليات العمارة والتخطيط هي المصانع التي تشكل فكر ورؤية (مخطط المستقبل) فان الامانات والبلديات على وجه الخصوص هي الجهة التي تستقبل هذا المخطط وتهيئ له البيئة الملائمة للعمل والابداع في مجال التخطيط الحضري والاقليمي، ومن هذا المنطلق فان تحقيق التفاعل والتكامل بين التعليم والممارسة في مجال التخطيط اصبح من المطالب الهامة في هذا الوقت، اذ يتوجب ان يكون الطالب والاستاذ على اطلاع بواقع التخطيط العمراني في المدن السعودية، كما يتوجب تطوير المناهج الجامعية وتوجيه حركة البحث العلمي في اقسام العمارة والتخطيط نحو المشاكل التخطيطية القائمة وايجاد الحلول الملائمة لها وهذا جزء من واجبات الجامعات السعودية ومسئولياتها تجاه المجتمع.
ان مشاركة امانة مدينة الدمام في رعاية هذا اليوم العلمي مع شقيقتها جامعة الملك فيصل تأتي من قناعتها الراسخة بعلاقتها الوثيقة بمؤسسات التعليم العمراني وتعكس في نفس الوقت رؤيتها الخاصة بضرورة الربط بين التعليم والممارسة في مجالات التخطيط وتحقيق التكامل المطلوب بين البلديات وكليات العمارة والتخطيط في مناحي البحث العلمي التطبيقي والدراسات والاستشارات وتدريب وتأهيل العنصر البشري. وامانة مدينة الدمام ولله الحمد قد قطعت شوطا هاما في هذا الاتجاه من خلال تعاونها المثمر وتواصلها مع جامعة الملك فيصل وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وقد تحققت نتائج كثيرة من خلال مشاركة الامانة في بعض المؤتمرات والندوات واللقاءات العلمية ودعمها ماديا ومعنويا والامانة تسعى جاهدة لاستمرار هذا التعاون مع الجامعات وتفعيله ودفعه للامام.
ان هذا اليوم (يوم التخطيط) الذي يبرز دور المخطط السعودي في التنمية الحضرية يعكس اهتمام جامعة الملك فيصل ورغبتها الجادة في ربط الجوانب العلمية بالواقع العلمي، وفي نفس الوقت يتيح الفرصة للتعرف على الامكانات البحثية والقدرات العلمية في قسم التخطيط والتي يتوجب دعمها ورعايتها واستقطابها من قبل القطاعات الحكومية والصناعية.
ان هذه اللقاءات المثمرة تعكس اهتمام الامانة والجامعة وسعيهما المتواصل لتحقيق نوع من التكامل في المجالات ذات الاهتمام المشترك، فالتخطيط ليس مسئولية الامانة بمفردها وانما هو عملية مشتركة تتداخل فيها كليات العمارة والتخطيط التي تزود الامانات والبلديات بالمخططين المؤهلين، ولا ننسى طلاب كلية العمارة والتخطيط الذين نتطلع لاستقطابهم للعمل في امانة مدينة الدمام والبلديات التابعة لها بعد تخرجهم بإذن الله ونحن على ثقة بأنهم سيكونون مسلحين بالعلم والمعرفة وعلى اطلاع تام بواقع الممارسة المهنية في مجالات العمارة والتخطيط.