تلتقي بأحد المعارف أو الأصدقاء أو الأقارب، وبعد تبادل التحية، تسأله بعفوية (أين أنت يا رجل، فمنذ زمن لم نلتقك؟،) فيرد عليك بأنه في الدنيا وبين أحضانها ومشاغلها التي لا تنتهي .
الكل يعلم أن العمر يفنى، والمشاغل تبقى، وهذا ليس تحريضا على الكسل أو التهاون، بل دعوة للتأمل في الوقت الذي سنحاسب عليه من قبل الخالق جلت قدرته، فنحن وجدنا في هذه الدنيا الفانية للعبادة وعمارة الأرض بما يرضي الرب ولا يسخطه، ولكننا للأسف الشديد نعبث عبثا شديدا بالأوقات، ولا نحسن التعامل معها، وأعني لا نجيد إدارة الوقت، ولا نملك مهارة تصريف أوقاتنا بالشكل الذي يمكننا من استثمارها على الوجه الحسن. لنسأل أنفسنا في آخر المطاف اليومي عن إنجازاتنا، ونبدأ بالعبادات وأساسها الصلوات الخمس، وهذه أنا على ثقة بأن الله يعيننا جميعا على أدائها، والسنن الرواتب والنوافل وبقيت عبادات عدة، ومنها مهامك الوظيفية والاجتماعية والتربوية والجسمانية، ولكل من تلك قدر من الوقت، فثماني ساعات عمل هل أنجزت ما تمليه عليك وظيفتك، وباشرت الوقت بداية ونهاية دون تأخير أو خروج مبكر، دون مبرر أو استئذان، وصرفت جهدك الفكري والعقلي والبدني لوظيفتك، وبعدها هل أعطيت أسرتك حقها من الوقت، لتصريف شؤونها، وهل أعطيت بدنك حقه من الراحة للاستزادة بالقوة التي تعينك على مهامك، وهل وصلت أرحامك؟ ما أن تجيب عن ذلك بالإيجاب حتى يتأكد لنا أنك تدبر وقتك بشكل رائع، ومنها لن يصبح هناك مجال لترديد السؤال العفوي بيننا (أين أنت يا رجل). إدارة الوقت فن وعلم، والعبث بها أيضا فن وعلم، ولكنه بمسار من يؤمن بالتمرد والخروج عن المألوف، واعني من يسير أموره بفوضوية وعشوائية، ودائماً لسان حاله يقول (دعها فإنها مأمورة)، والعجب إذا كان حال ذلك الموظف ينتظر منه المساهمة في البناء، وأي بناء سيشيد على ذلك الساعد المتهاون المتكاسل، الذي يذهب يومه دون أن ينجز معاملة واحدة، فيضطر رئيسه (الغلبان) إلى إحالة المعاملة إلى الموظف النشط، الذي قدر الله عليه من خلال جده واجتهاده وحسن إدارته للوقت أن ينهي كافة المعاملات، وتراه ينام في غسق الدجى قرير العين، ويبارك الله له في بدنه وراتبه، وعلى قدر حسن إدارتك للوقت ستجد البركة الإلهية تحفك من كل جانب، وبعد الرضا الإلهي هناك الرضا الرئاسي، والذي يعطيك الدرجات المتقدمة، ويبقى العشوائيون في مكانهم يراوحون .
شمال شرق
ليس من الصحيح أن ترجئ عددا من المعاملات إلى إجازة نهاية الأسبوع، وتعد ذلك من الإخلاص للعمل، بل هو عكس ذلك، لأنك منحت إياها من اجل الراحة، وتجديد النشاط، لخمسة أيام من العمل الجاد والمتواصل، وأحلى ما في هذه الإجازة أن تعيشها بمعناها الحقيقي بين زوجك وأطفالك وأسرتك ورفاقك.