فيه شيء من الكآبة..
وجه مزدحم بالتجاعيد يوحي بغيبوبة الحلم..
لعله لم يتذكر سنينه الاولى، الا مروره بشارع الشعر الذي كان مليئا بقصائد الغزل..
كان يجلس بجانب شرفة غرفته يفكر في ماضيه وبأيام الدراسة وبأصدقائه وبلعبه الكرة بجوار منزله وكأن في قلبه نبرة حب للماضي وذكرياته.
نعم هو كذلك..
قد يكون الماضي مليئا بشظف العيش وقسوة الحرمان او مفروشا بالورود وشقائق النعمان..
تمدد صاحبي واخذ يدخن في الظلام مسترجعا تفاصيل مغامراته الاولى ثورة ذاكرته كانت كالمياه الهادئة الساكنة ولحظات من الصمت الباهت وتساؤلات..
لماذا نخاف من ماضينا اذا كان يمثل لنا حركة مستقرة او مضطربة في حياتنا؟ هل الرجوع الى الماضي والتنقل بين الوانه وازهاره وطيوره وشموسه واقماره يعد مصدرا للحياة؟
ام ان تذكر صور الموت والفراق والامراض وشرب الحرمان واقتيات خبز اليأس يجعلنا نقفل ديوان الذكريات.. قد يكون في الماضي خجل مكبوت، وقطرات من الحياء، او عشق فاشل احترق بدموع القصائد والآهات.
الذكريات الاولى تموج وتضطرب، تحلو وتكدر وتتجاوز السنين كانت الساعة تشير الى الواحدة والنصف ليلا ومتعة صاحبي الوحيدة الهروب من الحياة.
اسند رأسه على الحائط ليسترجع رواية الماضي وهو ينغم بأبيات احد الشعراء:
==1==
يا شروقا على غروب حياتي==0==
==0==فصباحي لا يعتريه ختام
ابدا صرت في الصبا فليمر الدهر==0==
==0==حولي ولتركض الايام==2==
ولكن شاعر العراق الكبير عبدالوهاب البياتي اذا تذكر بكى:
حيث يقول:==1==
تعاودني الذكريات السراب==0==
==0==فأبكي وماذا يرد البكاء؟==2==
اعتقد اننا بحاجة الى ان نقطع تذكرة (اياب) عبر الخطوط الانسانية لنعود بها الى ذاكرة الماضي.