فقد هذا الوطن قبل ايام احد اعمدته الاقتصادية البارزة المرحوم الشيخ عبدالعزيز بن حمد القصيبي عميد عائلته الكريمة، وسيرته التي نشرتها بعض الصحف وهي تستعرض جوانب من حياته العملية الحافلة بالعطاء ثم اصبح بجده واجتهاده من كبار رجال المال والاعمال، هذه السيرة عندما يقف عليها شباب هذه الامة ويتأملها بتمعن وتفحص فانه دون شك سوف يخرج بنتائج عديدة، على رأسها ان (لكل مجتهد نصيب) ولا علاقة للنجاح بالحظوظ والتخمينات، وامامنا مثال يحتذى يتمثل في الشيخ عبدالعزيز (يرحمه الله) فقد ضرب خير مثال للرجل العصامي المثابر والمجتهد.. والذي تمكن بصبره وذكائه وفطنته وعمله الدؤوب من الخوض في غمار الاعمال الشاقة الكبرى ونجح فيها.. واستطاع عن جدارة واتقان ان يكون رجل اعمال ناجحا ورجل صناعة ناجحا ايضا.. فقد دخل الصناعة من اوسع ابوابها.. واصاب فيها نجاحا ملحوظا وسريعا قلما يتوفر كما توفر له (يرحمه الله).. ولا شك انه كان يتمتع بذكاء خارق تمكن معه من انشاء عدة مصانع ساهمت بشكل فاعل في دفع عجلة الاقتصاد الوطني بالمملكة الى الامام. اضافة الى مثابرته واجتهاده وصبره وتوظيف ذكائه من اجل الوصول الى غايات النجاح واهدافه فقد كان رجلا محبا للخير وعطوفا على المحتاجين والمعوزين.. بل كان يصرف هبات شهرية للكثير من الاسر الفقيرة.. لاسيما في مدينته الخبر التي اقام فيها الفترة الطويلة من حياته.. فالعديد من الاسر في هذه المدينة تذكره بكل خير.. وتتذكر عطفه وحبه ومساعدته لهم عند كل ضائقة ومحنة.. ولا شك ان الجمعيات الخيرية بسائر مناطق المملكة وليس في الشرقية وحدها تذكر ذلك الرجل بكل التقدير فقد كان عونا وسندا لها في اداء مهمتها ورسالتها الانسانية بما كان يتبرع به من اموال لتتمكن من انفاذ مشروعاتها الانسانية الكبرى خدمة للمجتمع السعودي، واذا كنت هنا قد قمت بالاعلان عن هذه الاعمال التي لابد ان تذكر للرجل فتشكر فانني اود هنا ان ابوح بمعلومة لا تكون سرا من الاسرار في حياته الحافلة بالبر والخير، وهذه المعلومة يعرفها المقربون منه والابعدون وهي انه يكره الاعلان والتشهير والتصريح بما كان يبذله من اموال لفعل الخيرات.. فقد كان يعطي (يرحمه الله) ولكن بصمت شديد. وعلاوة على هذه الخصال الحميدة المغروسة في قلبه (يرحمه الله) فانه كان رجل اجتماع من الطراز الاول.. وقلما تمر مناسبة من المناسبات الاجتماعية دون تواجده على رأسها، ولعل هذه الميزة واحدة من اهم مميزات نجاحه كرجل، اعمال بارز من رجالات الاعمال بالمملكة، وقد عرف المرحوم بدماثة خلقه وكان محبوبا من الجميع.. حاضر البديهة.. وله معارف لاتعد ولا تحصى من داخل المملكة وخارجها لاسيما من دول الخليج.. ومن مميزات الرجل التي عرف بها المامه بتاريخ المملكة ورجالاتها ومواقعها الاثرية.. وكان يختزن في ذاكرته معلومات تاريخية عن المملكة ودول الخليج ويسردها في مجالسه بكل تفاصيلها وجزئياتها.. وكان مجلسه اليومي لايمل.. ومفتوحا دائما لكل طارق.. لايمنع احدا من اللجوء اليه والتحدث معه.. وكان على استعداد لحل العديد من المشاكل والضائقات التي تحيق ببعض المواطنين.. ولا اذكر ان طالب حاجة قصده في مجلسه وخرج خائبا.
رحم الله الشيخ عبدالعزيز بن حمد القصيبي، فقد كان مثالا يحتذى في عمله وتواضعه وصبره وكفاحه.. تغمده الله بواسع الرحمة والمغفرة.
