حدثتني شقيقتي الصغرى عن مواقف مضحكة حصلت لهن ايام الثانوية العامة مع المدرسات قبل ان تغادر كل واحدة سربها نحو مستقبل تم باختيارهن.
ولعل اشد ما اضحكني موقف احدى صديقاتها وانا اعرفها بحكم قربها من شقيقتي فهي انسانة صعبة المراس، تعليمها متوسط لكنها تتميز بردودها اللاذعة.
ففي احدى المرات هددتها مدرسة الفصل بان شهادتها سوف تكون ملأى بالاصفار في مادتها فما كان منها الا ان ردت عليها بقولها: (حطي اصفار ولونيهم بعد..) فاصاب المدرسة هلع من ذلك الرد وامرتها بالخروج من الفصل وبحركة صبيانية قالت: (سوف اخرج وماذا بها؟) ولكنها خرجت من الفصل لترى ان ابواب الحياة ومستقبل جامعي لم تكن تحلم به قد فتحت لها على مصراعيها رغم تواضع امكانياتها العلمية. وتمكن والدها من واقع نفوذه ان يدخلها كلية راقية وفي تخصص علمي صعب بالرغم من انها كانت تحمل معدلا متوسطا.. وفي الوقت نفسه تم رفض احدى القريبات وبمعدل (99 وفاصلة) هي نفس الكلية التي قبلت تلك ورفضت هذه.. تدعي بان هناك شروطا محدودة للقبول ومعايير لا يمكن تجاوزها ولكن نسيت ان تضع من بينها حرف (الواو).
وللعلم فان قريبتي تلك والدها كان يشغل مركزا مرموقا وكان بامكانه (التوسط لها) ولكن هل يتم ذلك لمن حصلت على ما فوق (99) اذن فماذا عن اصحاب الستينيات والسبعينيات وصديقتنا تلك من ضمنهن والتي ما زالت تصارع حتى الآن من اجل البقاء في تلك الكلية لا لصعوبة مناهجها بل لان مستواها العلمي ومحدودية تفكيرها لا يقوى على احتواء كل هذا الكم والزخم الهائل لتلك المعلومات.
هي دخلت لارضاء والدها ومن واقع نفوذه.. ولا تحب هذه الدراسة وغيرها يحلم بها ولديه القدرة والتفوق والذكاء ولا يحلم بمجرد وطء عتبات ذلك الصرح العلمي رغم كل مؤهلاته.. بينما الاهل يذرفون دموع الالم لمرأى شهادة تعبر عن مميزات صاحبها ولكنها مهملة في ركن قصي تنتظر الافراج عنها.. والبركة في حرف الواو.