اسمع يا ولد يا شحرور وافهم، اذ من الواجب ان تستوعب كل شيء ولا تأخذ في تقريع الشباب والصراخ في وجوههم.. ما دخلك بهم اذا كان الواحد منهم يحلق شعره بشكل سريالي غير مفهوم ويسير مختالا وكأنه اشارة استفهام. وما دخلك اذا كان الشباب يحبون الاغنيات التي تبحث فيها عن المطرب او الموسيقي او الشاعر فلا تجد اي واحد منهم!! فالشباب شباب.. وهم يحبون ان يرقصوا ويدبكوا دون اي مناسبة.. سبحان الله يا شحرور هذا شأنهم دعهم يا ابن الحلال.. حتى وان ضيعوا أيامهم في مناقشة ايهما اجمل واحلى، القميص الذي عليه صورة فلان من المطربين، ام علان من الفنانين.. ماذا تريد منهم ان يناقشوا بعد ان حللنا لهم كل القضايا ولم نترك لهم قضية واحدة (مربوطة) حتى يحلوها، ماذا سيفعلون؟؟ لقد دخلوا القرن الحادي والعشرين، فهل تريد ان يدخلوا هذا القرن وهم يفكرون بقضايا حللناها وبأشياء اشبعناها دراسة وفحصا وتمحيصا؟؟!!
يا ولد يا شحرور دعهم للفرح والقفز في الشوارع وعلى الشبابيك وعلى الشجر وعلى اكتافنا اذا أرادوا، فما عاد عندهم اي شيء غير القفز والركض والرقص والارجحة.. الامور كلها رائعة جميلة.. والقرن الحادي والعشرون سيشهد الطرب الجميل، والقفز الجميل، والركض الجميل، والنوم الجميل، والاحلام الجميلة.. لكن برأيك يا شحرور الجميل بماذا سيحلم هؤلاء الشباب المساكين بعد ان حققنا لهم كل شيء من الالف الى الياء؟؟ تصور حتى الاحلام حققناها لهم دون ان نطلب منهم اي مقابل.. هم على كل حال شبابنا ومن حقهم علينا ان نحقق الاحلام واكثر من الاحلام.. لكن ما يقلقني يا شحرور اكثر من اي شيء آخر هو حلنا لقضية فلسطين.
فنحن كما تعلم قضينا اكثر سنوات عمرنا ونحن نحمل هذه القضية على اكتافنا وفي قلوبنا وعقولنا.. وفجأة حللناها!! حل لا اجمل ولا احلى.. اخذنا قطعة بحجم الكف، وتركنا البقية لهؤلاء المحتلين المساكين!! نحن كما تعلم رحماء.. فكيف لانعطي الاحتلال فلسطين.. المهم الحل.. وقد حللناها..!! ثم لاتقل لي يا شحرور يا طيب القلب شيئا عن الوحدة العربية، فهل هذه قضية نتركها للشباب كي يفكروا بها ويتعبوا اذهانهم الغضة بحلها.. حللناها لهم بوضعها في صندوق داخل صندوق داخل صندوق حتى اصبحت غير مرئية، ورغم ذلك حفرنا حفرة كبيرة واسقطنا فيها الصناديق ثم اهلنا عليها التراب.. صحيح انه حل عجيب غريب.. لكنه حل على كل حال.. والافضل ان يفكر الشباب بالوحدة الآن بين الجار والجار، الصديق والصديق.. لماذا نجعل الامور كبيرة.. وحدة بين اثنين تكفي.. بين الزوج وزوجته.. بين الاب وابنائه.. بين الشارع والشارع المجاور.. لماذا نكبر الامور اذا كان الجار لا يقول لجاره (صباح الخير) او (مساء الخير) او اي شيء .. هذه الوحدة العربية وحللناها.. فماذا بقي يا شحرور للشباب؟؟
سأقول لك شيئا يا شحرور وان همسا : انا تعبان يا حبيبي ويائس ومحبط ومدلهم.. فلا تقل هذا للشباب ولا تخبرهم بشيء.. دعهم لهذا القفز والركض والدوران.. صدقني احيانا لا اعرف اذني من عيني.. وانفي من شفتي.. كأن المواقع في الوجه صارت تتغير ايضا.. ولا ادري كيف دخلت القرن الحادي والعشرين واذني مكان عيني.. وانفي مكان حاجبي.. ورموش عيني مكان شاربي.. دعهم لقفزهم وفرحهم فأنا لا استطيع ان اقيم وحدة بين عيني وعيني حتى صرت اشعر بالحول اذ تأبى كل عين التصالح مع الاخرى فتضرب هذه نظرها الى اليمين وتضرب الثانية نظرها الى اليسار، حتى صرت ارى المطرب الحديث تسعة مطربين يغنون معا.. وحتى هذه الاذن لا تريد ان تسمع ما تسمعه الاذن الاخرى.. واذا رفعت حاجبي الايمن، يصر حاجبي الايسر على النزول.. لا ادري كيف دخلت القرن الحادي والعشرين بهذه الملامح العجيبة.. لكن ارجوك لا تخبر الشباب ودعهم لمرحهم ولطربهم.. المساكين صار عندهم مطربون اكثر من النمل.. بالله عليك كيف دخلنا القرن الحادي والعشرين وكل بيضة تفقس بدل الصوص مطربا؟؟!!
على كل يا شحرور لاتهتم سنجد قضية ما للشباب تناسب القرن الحادي والعشرين .. ستكون قضية رقيقة ناعمة جميلة مغناج.. قضية تسعد الشباب وتجعل ايامهم حلوة مثل قطعة السكر!! اياك ان تقول لي شيئا عن العراق واهل العراق، هذا عيب بحقي وحقك وحق كل امة محمد، هل من المعقول ان نترك مثل هذه القضية البسيطة للشباب؟؟!!
بصراحة انا تعبان يا شحرور ويائس ومسحنفر ومدلهم..!! كل القضايا محلولة من المحيط الى الخليج.. كل شيء (محلول) !! من المحيط الى الخليج.. فماذا بقي للشباب كي يحلوه.. دعهم لفرحهم وقفزهم ومطربيهم.
دعهم..!!