نريد أن نتحدث بصفة عامة ..
نريد ان نلقي على الأشياء والمواقف والأحداث نظرة عابرة
يراد لنا الإجمال . وما اجملها من جملة مبتورة , تدور على ألسنتنا ونوقع بها على قرارتنا : على وجه العموم!
لا نريد الدخول , في الوقت الحالي , إلى التفاصيل , ليس بنا حاجة الى متاهة التفريعات الجانبية..
دائما نترك أمر التفاصيل لاحقا , وننزعج حين يلحّ أحدنا عليها , ويدعونا الى الغوص عميقا الى ما وراء السطح , والتوغل الى المكامن العميقة حيث الفهم الصائب والتوصيف الدقيق لما يبدو على الظاهر من اختلال لا يكفي معه إلقاء نظرة عابرة تكفي معها كلمة الاستحسان او الإدانة اوالموافقة او المعارضة او الممانعة . كلمة واحدة بمثابة الإشارة الى وضعية الهروب الى الأمام بوهم التجاوز وعدم الانغراس في أرض مائجة وتتطلب أكثر من كلمة , وتستوجب نظرة بعيدة فاحصة تلم بالتفاصيل وتتصل بالجذور , دافعة بالماء والتشكل الى الفروع والأغصان . الشجرة ليست شجرة إذا لم نعلم شيئا عن جذورها وعن تربتها.
نرفع سياط السخرية المريرة اللاذعة في وجه من لا يتقبل الموضوع على علاتة ويقلبه ذات اليمين وذات الشمال يبحث في دقائقه , يرجئ الأحكام المتعجلة وطلبات الموافقة الآتية والحسم السريع البرقي , لا نريد له ان يفتح فمه بالتساؤل والمراجعة , والاشتغال بهدوء وروية , نزعم أنه يعطل العمل , وأنه (شوكة في الظهر) من الطيب اقتلاعها من أجل ان يسير المركب وتدور العجلة لمجرد الدوران , فالقافلة ينبغي أن تمضي لشأنها دون (وجع الدماغ) ودون ذلك الوسواس المولع بالتافة من الأشياء الصغيرة غير الجديرة بالتوقف عندها ومطالعتها لأن عملا كهذا سوف يجعلنا نتوقف تماما لا نغادر أماكننا ولن نفلح في إدارة دفة أمورنا إذا ما أولينا اهتمامنا لمحض وساوس لا تقدم ولا تؤخر بل تؤخر عند التحميص , وتعطل وتوقف المشاريع العظيمة , وتحبس الخطوات العملاقة في اصطبلات التفاصيل!!
نرفع سياط سخريتنا المريرة , نطلق سهام التشكيك في الكفاءة , ونحزم الأمر على التجاوز , وإغفال الملاحظات التفصيلية التي تتصل بالمستقبل أكثر من اتصالها بلحظة حاضرة لا ترى أبعد من موطئ القدمين.
كم من المشاريع التي أنفقت عليها الملايين , واقتضت الشهور الطوال , ولا نقول السنوات , من التنفيذ ثم نكتشف الخلل والتصدع , وعدم تلبيتها للحاجة التي انشئت من أجلها , والأنكى عدم قابليتها للإصلاح , لأن العطب الداخلي أشد من أن يستجيب لمراهم خارجية ولعمليات تجميل سريعة أقرب ما تكون إلى التشويه وإشاعة القبح , لو تريثنا في التفاصيل وأعطيناها حقها لما كان الهدر في المال والجهد والتكرار , لكن ماذا نفعل ونحن المولعون بالسطح ونظرته المستعجلة القاصرة ؟...
هل يبقى حالنا دائما: خليها على الله ومش!!!