تواجد المملكة في المنتديات الدولية، اعترافٌ بالحضور السعودي المميز في المحافل العالمية وتأكيد لما تتمتع به هذه البلاد من مكانة وثقل عربيا وإسلاميا ودوليا.
فالمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، استطاعت في فترة وجيزة أن ترسخ تأثيرا هاما في سجل العلاقات الدولية، سواء من حيث القدرة على التعاطي مع المستجدات التي يموج بها عالمنا المعاصر، أو من حيث السياسة الحكيمة التي تقوم عليها باستمرار منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز ـ طيب الله ثراه ـ واعتماد صوت العقل في التعامل مع التغيرات والمتغيرات والصراعات والأفكار السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وكان خطاب خادم الحرمين الشريفين الأخير أمام مجلس الشورى، تأسيساً جديدا للوعي بضرورات المرحلة التاريخية التي تمر بها أمتنا وسط هذا العالم، وبالتالي ما تعرضنا له من حوادث إرهابية في الرياض طالت الدار البيضاء وكانت قبلا في القاهرة، وكان لها أثرها السلبي على مجمل الاتجاهات العربية والإسلامية ، فكانت توجيهاته ـ يحفظه الله ـ إضاءات لمناهج عمل يجب اعتمادها بشكل واضح.
مــن هنا، يمكننا اعتبار الوثيقــة السعوديــة ـ كمثال ـ والتي طرحها الأمير عبد الله بن عبد العزيز أمام قمة مجموعة الثماني في مدينة إيفيان الفرنسية نموذجا هاما لهذه القدرة ووضوح الرؤية في التعامل الجدي مع واقع عالمي يجب الاعتراف به والوصول إلى حلول منطقية للصراعات انطلاقا من مبادئ العدل والمساواة والحرية والشرعية الدولية.. إضافة لإيضاح الاستراتيجية السعودية الواقعية لمكافحة الإرهاب والإصلاح أمام الجميع ليعلم العالم أن جميع السهام الطائشة الموجهة للمملكة في غير محلها تماما.
من هنا أيضا، كانت مشاركة المملكة في قمة شرم الشيخ، تأكيدا إضافيا للبعد الجيوسياسي، خاصة وأن أول مبادرة سلام عربية للتعامل مع النزاع العربي الإسرائيلي كانت مبادرة الأمير فهد في قمة فاس عام 1981، وجاءت مبادرة الأمير عبد الله للسلام في الشرق الأوسط والتي تبنتها قمة بيروت العام الماضي لتصبح "حزمة" سلام عربية متكاملة لإنهاء النزاع وتحقيق التعايش بين جميع دول المنطقة بسلام وعدالة ومساواة.. ولعل ما تأكد من اهتمام دولي بما يطرح من أفكار سعودية جدير بالتوقف ، ليتأكد الجميع أن المملكة هي الحاضر دوما، وهي المؤثر بما تمتلكه من معطيات وأبعاد جغرافية وسياسية واقتصادية ودينية، وأن قيادة هذه البلاد عندما تأخذ على عاتقها التصدي للدفاع عن هوية الأمة ومكافحة أية أخطار محتملة ، إنما تفعل ذلك انطلاقا من حجم الثقة التي تحظى بها، وحجم التأثير الذي تمتلكه على أرض الواقع وليس كما الآخرين .. شعارات لن تعيد أرضا، ووهم لا يتحقق.
وهذه هي بلادنا ـ إن شاء الله ـ على الدوام.
اليوم