هناك طموح انساني شامخ يهدف الى استقاء العلم، بدأ في العصر الحجري ولا يزال حتى يومنا هذا، وهذا الطموح يتجه صوب سبر اغوار المجهول لمعرفة الطبيعة وموقع الانسان في هذا الكون ومصيره، ويجذب هذا الطموح الانسان لمعرفة بداية ونهاية الكون، والاكثر من ذلك... يجذبه لمعرفة الغاية من الوجود!
عملية ايجاد المثقف الملتزم بروح العصر والمهتم بمختلف القضايا الفكرية المطروحة تبدأ بتبسيط شرح الظواهر الطبيعية للشبان والشابات، وتبسيط هذه الطواهر الطبيعية مقترن بتجزئتها فنحن نفهم الكل عندما نفهم الجزء.. والتبسيط هو الاسلوب الامثل في التفسيرات العلمية، فماالتفسير العلمي الا ارجاع الظاهرة الطبيعية لما هو ابسط منها واقرب الى القبول، أي تقريب المعقد بتحليله الى مألوف.
هذه المقدمة هي دعوة الى كتابنا الافاضل، ادعوهم فيها الى نبذ التعقيدات في كتاباتهم، والاتجاه الى التبسيط في طرح الافكار، هذا اذا كانت جل اهتماماتهم توعية افراد المجتمع لان التوعية تولد التفاعل.
من المعلوم ان معظم انجازات الجنس البشري تمت في نصف القرن الفائت، ومجتمعنا يحتاج - كي ينافس المجتمعات الاخرى في كافة المجالات - الى معرفة كل ما تم في هذا العالم خلال النصف الفائت من هذا القرن، ويحتاج ان يتفاعل معه.. فهل كتابنا الافاضل مستعدون لهذه المهمة؟!
نحن لا نريد منهم التفنن في فصاحة المفردات وبلاغة العبارات.. نريد تفسيرات علمية مبسطة، وتوعية حقيقية ترفع من شأن الاجيال القادمة، ليصبح لديهم نوعا من مراعاة الظروف والمتغيرات التي طرأت مؤخرا في العالم، وفي نفس الوقت تدفع عنا التقارير المتشائمة التي خرجت لنا مؤخرا لتقول: (ان الاثنتين والعشرين دولة عربية لا يتجاوز دخلها القومي دخل دولة اوروبيية واحدة عدد سكانها لا يتجاوز الاربعين مليونا، بينما نحن - العرب - نكاد نصل الى 300 مليون انسان.
الا ترى - عزيزي (الكاتب) - ان هذا امر في غاية التناقض، الا ترى انه تقصير فادح في حق الاجيال القادمة، وخطأ كبير يجب ان يتدارك ونحن جميعا مسؤولون عنه؟!
مادام الامر كذلك فلابد من مسعى حقيقي لانهاء هذا الوضع، وتلك مسئوليتك ومسؤوليتنا جميعا، فالحد الادنى لنتجاوز ذلك التقرير المشؤوم ونسابق الامم في كافة الميادين، هو ان نعي أن امتنا مستهدفة اليوم في ثقافتها وفكرها وحضارتها، ونبدأ بتوعية المجتمع بكل تلك الانجازات البشرية التي تمت في نصف القرن الفائت بأسلوب علمي شيق ومبسط، لا ان نبقى مكتوفي الايدي وكأن الامر لا يعنينا، ولا ننسى ونغمض اعيننا فالخطوة الاولى لمعالجة أية مشكلة هي الاعتراف بوجودها.