أصدر مركز زايد العالمي للتنسيق والمتابعة دراسة بعنوان: العراق الجديد ومستقبل خريطة النفط العالمية وتأتي هذه الدراسة في إطار تغطية التأثيرات المترتبة على الاحتلال الأمريكي للعراق من كافة جوانبها خاصة الاقتصادية منها ليس لارتباطها بالمنطقة العربية وحدها بل بمنظومة النظام الاقتصادي العالمي بأسرها.
وأشارت الدراسة إلى أن مسيرة أوبك الممتدة على مدار اثنين وأربعين عاماً كانت حافلة بالأحداث والتطورات ، وتراوحت تجاربها بين النجاح والفشل ، فخلال السنوات العشر الأولى من تاريخ إنشائها في بداية الستينات تمثل هدفها في إحداث بعض التغييرات الهامة في العلاقة بين المنتجين والمستهلكين لإحساسها بعدم المساواة بين إمكانيات المنتجين ومكاسبهم المحققة ، ولذا كان عقد السبعينات بمثابة الحقبة الذهبية لأوبك ليس لارتفاع أسعار النفط فحسب ، ولكن نتيجة لإرساء قواعد جديدة للتعامل في سوق النفط تقوم في الأساس على حصول أوبك على جزء من نصيبها العادل في سوق النفط باعتبارها لاعباً أساسياً في هذه السوق، وكان عقد الثمانينات بمثابة بالون اختبار لمدى ثبات أوبك وقدرتها على التعامل مع متطلبات السوق النفطية ، فمع أن السنوات الأولى من ذلك العقد قد شهدت ارتفاعاً في أسعار النفط وبالتالي عائدات دول أوبك ، الا أنه شهد أيضاً انتكاسة كبيرة ترتبت على غياب التفاهم والتعاون بين أعضائها مما أدى إلى هبوط سعر النفط إلى أقل من خمسة عشر دولاراً . أما عقد التسعينات فتميز بإعادة تصحيح الأوضاع ، وبناء تنظيم الصرح ، وتجنب الخلافات الحادة والابتعاد عن التجاوزات الجسيمة في الحصص الإنتاجية.
ورأت أن أوبك بالرغم من نجاحها في تحقيق بعض الاستقرار في الأسواق النفطية إلا أن هناك مجموعة من القيود التي تعوق حركتها من أهمها : اختلاف المصالح والتوجهات بين الدول الأعضاء ذاتهم ، فهناك دول تتمتع باحتياطيات نفطية هائلة لا تتناسب مع حصتها المقررة في المنظمة ، وهو ما يؤثر على أية عملية لتخفيض الإنتاج ، وعدم التزام الدول الأعضاء بحصصها المقررة لها نتيجة الرغبة في تحقيق أكبر قدر من المكاسب مع ارتفاع الأسعار ، واختلاف الأعضاء حول السعر المناسب الواجب الحفاظ عليه كحد أدنى ، واتجاه الدول المنتجة خارج أوبك إلى زيادة المعروض النفطي لتحريك الأسعار وهو ما يؤثر على قدرة أوبك على التحكم في حركة الأسعار .
وأكدت أنه على الرغم من المخاوف التي قد يعكسها الوضع الجديد في العراق على أوبك إلا أنه يبقى من الصعب الحديث عن انحسار دورها في الأسواق العالمية خلال السنوات القليلة المقبلة لأسباب متعددة ، منها : تمتع أوبك بقدرة فائقة على ترتيب أوضاعها سواء داخلياً أو خارجياً ، وهو ما يعطيها القدرة على التأقلم مع الوضع الجديد في العراق . واستمرار الدور الحيوي لأوبك على المدى الطويل في تلبية الطلب العالمي على النفط ، وليس أدل على ذلك من البيانات التي أوردها أحدث تقارير وزارة الطاقة الأمريكية والذي أشار إلى أنها ستلبي ما لا يقل عن ( 61% ) من الزيادة في الاستهلاك الدولي في الفترة من عام 2001 م وحتى عام 2025 م .
كما أن الطاقات النفطية لدول الأوبك سواء من حيث الإنتاج أو الطاقة الفائضة تفوق تلك الموجودة لدى المنتجين الآخرين خارجها ، وبالتالي فهي تمتلك مفاتيح السوق النفطية حالياً ومستقبلاً ، ويضاف إلى ما تقدم من أسباب وجود اتفاق غير رسمي بين أوبك والمنتجين الآخرين على احترام قواعد اللعبة النفطية.
ذهبت الدراسة إلى أن السيطرة الأمريكية على النفط العراقي ربما تخلق وضعاً نفطياً جديداً قد لا يروق للكثيرين في المنطقة العربية ، حيث لا يستطيع أحد أن ينكر الدور القوي الذي يمكن أن تلعبه العراق بإمكاناتها النفطية الهائلة في زلزلة أركان النظام النفطي القائم منذ أكثر من أربعين عاماً ، مما يعمل على ظهور قوى نفطية جديدة لها قدرة على تحديد مسار الأسواق النفطية.
إن مركز زايد العالمي للتنسيق والمتابعة ليأمل أن يجد القارئ والباحث ورجل السياسة والاقتصاد في هذا الإصدار ما يعينه على تفهم أبعاد الخريطة النفطية العالمية الجديدة التي مما لا شك فيه أنها ذات صلة بينة بأوضاع التنمية العربية بارتكازاتها المعروفة على الصادرات النفطية.