الايام والليالي بالعجائب والغرائب حبالى، يلدنها من فترة الى اخرى او مع طلوع شمس كل يوم او غروبها، وقد شهدت الدمام في الايام القليلة الماضية او سوف تشهد قريبا حدثا عجيبا، وهو وصول لجنة من المركز الرئيس للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في الرياض للقيام بجرد الموجودات في فرع الجمعية في الدمام من اثاث واجهزة واساطيل سيارات، ومن المتوقع ان تطوف اللجنة الجاردة بجميع فروع الجمعية في المملكة، فيما يبدو خطوة تسبق انتقال الفروع للانضواء تحت جناح وزارة الثقافة والاعلام.
العجيب في الامر انه لا يوجد في فرع الدمام وربما في كل فروع الجمعية ما يتطلب ايفاد لجنة من الرياض لجرده، فلو عرض ما في فرع الدمام من اثاث وغيره في سوق الحراج لما اتى بسعر يعادل تكاليف انتداب اللجنة الجاردة للدمام. وكان من الافضل تكليف العاملين في الفروع بجرد الموجودات لديهم وارسال قوائم الجرد بالبريد او عبر الفاكس او البريد الالكتروني وكفى الله المنتدبين مشقة ووعثاء السفر. ان لتكليف العاملين في الفروع فائدتين: الاولى اشعارهم انهم موضع ثقة المركز الرئيس، وانهم مؤتمنون في اعمالهم، والثانية توفير تكاليف الانتداب واضافتها الى الميزانية المعتمدة لكل فرع ليستفاد منها في تنظيم فعالية ادبية او فنية. لن يكون تكليفهم بالمهمة عبئا يرهق كواهلهم. فأثاث فرع الدمام على سبيل المثال قليل وقديم (عمره 25 سنة تقريبا) واضطر الزملاء الى ترميمه وشد عوده بالمسامير بعد انتقالهم الى المقر الجديد، والكثير منه بقايا وشظايا لشيء كان يسمى اثاثا مكوما الان في فناء المقر، هو في حاجة للرمي او الحرق لا الجرد، لا اعتقد ان وزارة الثقافة والاعلام سوف تبتهج باضافة البالي والسمل الى ممتلكاتها ومقتنياتها. واذا كان لابد من مجيء لجان من المركز (العاصمة) فلم لا تكون من الوزارة ذاتها لا لجرد ما لا يستحق ان يجرد اساسا، انما لمقابلة العاملين في الفروع لاستطلاع ارائهم وتقييماتهم لسير العمل في المرحلة السابقة، وتطلعاتهم لما يجب ان يكون وكيف يكون، هذا ما يتطلع الى حدوثه الاخوة في فرع الدمام وباقي الفروع.
لقد قامت وزارة الثقافة والاعلام بخطوة ايجابية تستحق الاطراء رغم وجود بعض علامات الاستفهام حولها، وهي تشكيل هيئة استشارية للثقافة للمساهمة في وضع استراتيجيات واطار للعمل الثقافي، لكن تشكيل لجنة لهذا الغرض لا يكفي من وجهة نظر شخصية، فمن المأمول ان تصل اصوات العاملين في فروع الجمعية والاندية الادبية الى الوزارة فلديهم الكثير مما يستحق ان يحظى بالاهتمام، ولا ينبغي ان يغيب عن الاذهان انهم من يترجم في نهاية المطاف ما تتضمنه خطة العمل الثقافي المنتظرة الى حقائق على ارض الواقع، هم من سينفذ ما قد تضعه الهيئة الاستشارية من اقتراحات وتصورات وخطة عمل، فمن غير المعقول ان لا يساهموا بالقليل في اية خطة قد تتم بلورتها ورسمها.
ان تحقيق هذا المطلب الضروري والهام ليس صعبا على الاطلاق، ولا يحتاج الى ايفاد لجان، اذ يكفي ان يطلب من كل فرع اعداد مذكرة بما لديهم من اقتراحات وتصورات واحلام وشروحات للمشاكل والصعوبات التي يواجهونها، ثم ارسالها الى الوزارة. اما اذا كان لابد من اللقاء المباشر، فذلك امر يمكن تحقيقه باقل قدر من التكاليف، فبدلا من انتداب لجان خاصة تطوف بالفروع والاندية لهذه الغاية، يسافر مديرو الفروع متأبطين المذكرات الى الرياض لمقابلة المسؤولين في الوزارة. انني متأكد انهم لن يطالبوا بصرف بدل انتداب لهم، يكفي كل واحد منهم الراتب الضخم الذي تنوء بحمله قافلة من الجمال!!!