إن الإسلام يوجه الإنسان إلى ما فيه سعادته في الدارين ولا يشك أحد أن سعادة الإنسان معقودة بحفظ عقله الذي هو مناط التكليف به يعرف الخير من الشر، والضار من النافع والهدى من الضلال .
وبالفعل رفع الله الإنسان وكرمه وكلفه، واستخلفه في الأرض، وبهذه النعمة الكبرى حرم عليه أن يندفع وراء شهواته الفاسدة، وملذاته المحرمة أو أن ينزل عن المكانة السامية التي وضعه الله فيها.
وبما أن الخمر والمخدرات وأمثالها تفسد علىالإنسان عقله وتقتل غيرته، وتضر بصحته، ويصبح شاربها ومروجها من الخطر بمكان حيث يهدد مجتمعه وأمن وطنه ويخون أمته لذلك نجد أن دين الإسلام ينكر على الإنسان أن يسلك هذا الطريق المعوج الذي يخل بالأمن ويروع المجتمع لما يترتب على ذلك من أخطاء جسيمة، وحيث أن المخدرات من كبائر الذنوب وأنها اخطر سلاح تستخدمه العصابات التخريبية في المجتمعات البشرية لذا كان لزاماً على المجتمع بأكمله كل في دوره من وضع اليد على الجريمة واستئصال المرض الخبيث من جذوره وتطهير المجتمع من أدواته .
وبما أن المساجد لها دورها الفاعل من الوعظ المؤثر والنصيحة البليغة وبيان الواجبات وأيضاح المستحبات والنهي عن المحرمات والمكروهات .. لذا اختار الرسول صلى الله عليه وسلم المسجد ليكون مركزاً للتعليم والتوجيه والتفقه في الدين وتكوين شخصية المسلم وتربية خلقه وتعديل سلوكه .. فما احوجنا أن تكون المساجد مشارق إيمانية، ومنابع هدى ورحمه وعلاجاً للنفوس المريضة . فعلى أئمة المساجد أن يستغلوا قداسة المكان وشرف الزمان في تبيين ما يضر بالمجتمع ويخل بالشرف وعلى رأس ذلك الانحراف الفكري وتعاطي أم الخبائث بأسلوب يخاطب العقل وينفذ إلى القلب مدعماً ذلك بالأمثلة المدركة وبالتساؤلات الصحيحة وحيث أن ذلك لا يليق بالانسان المسلم أن يبيع عقلع أو يقتل نفسه (ولا تقتلوا انفسكم إن الله كان بكم رحيماً) أو أن تصرفه هذه السموم عن طاعة الله أو أن يجنح بها ـ كما يظن ضعاف الإيمان ـ عن همومه وغمومة ومشكلاته وما علم أنه بذلك اوقع نفسه في شر أعماله. فالحديث عن هذا الوباء واجب عن طريق الخطب والمحاضرات والندوات ووسائل الإعلام وتقديم الفكر الصحيح المعتدل الذي يححمي نشأنا ومجتمعنا من الشذوذ الفكري والانحراف الأخلاقي .