ان المتابع الجيد للتاريخ، الناظر في أحوال الحادثات ومجريات الامور يدرك ان ما شهدته المملكة من اعمال تخريب في مدينة الرياض وما لحقها من محاولات يائسة للنيل من امن هذه البلاد المباركة هو امر مستغرب على هذا المجتمع لا ريب، واعتقاد من قاموا بهذه الاعمال المستنكرة نصرتهم للدين وخدمتهم للوطن يجعلنا في حاجة الى وقفة تحليلية طويلة نتفحص من خلالها ابعاد هذه المستجدات والعوامل التي ساعدت على تسرب مثل تلك الافكار الشيطانية الى عقول هذه الشرذمة الضالة ليقدموا على اقتراف تلك الجرائم الشنيعة في حق وطنهم وتمتد ايديهم لتقتل اخوانا لهم ابرياء متناسين ان من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا، فالقوة التي حملتهم على ذلك لا يستهان بأمرها لاسيما بعد ما اتضح ان من بينهم من نال قدرا وفيرا من الدراسة والعلم يمكنه من استبصار الامور ولكن زين له الشيطان سوء عمله فرآه حسنا فلا اسف على مثله ولن يجد لدى قومه غير البراءة منه حيا كان او ميتا. وكما نعلم ان الفكر لا يجابه بغير الفكر ومهما كانت الافكار ضالة فهناك عقول اضل واخرى يستهويها الشذوذ الفكري، ومن هنا نستطيع القول ان تلك القوة التي استطاعت ان تنفث سمومها في صدورهم مازالت باقية وستظل باقية ما بقيت الحياة فهو الصراع الابدي بين الخير والشر، ومن العجز ان نقف مكتوفي الايدي امام تدفق شرور الحاقدين مكتفين بالتدابير الامنية والاجراءات الوقائية للحيلولة دون وصول المجرمين الى اهدافهم دون التصدي لامتداد افكارهم ومحاربتها بنفس نوعية اسلحتها الخبيثة فبالتأكيد هي حرب وكافة الاسلحة مباحة فيها، وعلينا ان نسعى وبشتى الطرق لتجنيب ابنائنا شرور تلك الافكار المستهجنة التي لن تجلب علينا غير الدمار والتخلف. ان متبني هذه الافكار يتسم بالطاعة العمياء لسادته من محترفي الجهاد في ميادين غير تقليدية كشبكة الانترنت وغيرها من تقنيات الاتصال العصرية التي يسرت لهم الاتصال بضعاف النفوس والتأثير على عقول بعض الشباب مستغلين عاطفتهم القوية تجاه الدين وتهاون بعض الدعاة وعدم اهتمامهم بالعديد من المسائل العصرية او استغلالهم للوسائل الحديثة في ايصال الحقيقة الى عامة المسلمين، فوجدوا المجال مفتوحا امامهم ليصلوا الى حيثما ارادوا منتهزين هذه الفرصة السانحة، كما انتهز السامري فرصة غياب موسى عليه السلام فأضل القوم واعادهم الى عبادة العجل - مع الفارق في التشبيه - نعم السامري بصر بما لم يستبصر القوم به فصنع لهم عجلا من الذهب الذي حملوه وقت خروجهم وجعله يخرج خوارا كخوار الثور فلم يجد القوم امامهم غير عبادته واتباع هذا السامري، وهؤلاء القابعين خلف لوحات المفاتيح وشاشات الكمبيوتر ووسائل الاتصال فعلوا الشيء نفسه مع ضعفاء النفوس والعقول من القوم، وما علينا غير ان نعيد حساباتنا لمجابهة هذه الافكار الضالة المنحرفة ومنع وصولها الى العقول موقنين بان هذا الزبد سيذهب جفاء وان ما ينفع الناس سيمكث في الارض، ولي هنا دعوة اوجهها الى ابناء هذه البلاد المباركة بالالتفاف حول العلماء الثقات الافاضل ونبذ الدعاوى الضالة التي تتنافى مع فطرتهم السوية وقيمهم الاصيلة وتقاليد مجتمعهم العريقة وطاعة اولي الامور ومعاونتهم كلما اطاعوا الله فيهم واقاموا حدود شريعته الغراء واعلوا راية التوحيد خفاقة على ثرى هذه الارض الطيبة. عيد ابراهيم باحث تربوي