"الطعام لكل فم" عرض مسرحي مدته لا تتجاوز الستين دقيقة مأخوذ عن رواية مسرحية للكاتب توفيق الحكيم وقام باخراجه محمد متولي البطولة لوفاء الحكيم وحنان مطاوع وسلوى عثمان وهمام تمام ودينا نور ووليد جمال.
العرض الذي اقيم على مسرح الاوبرا يؤكد بعد النظر لكاتبه توفيق الحكيم ورؤيته الثاقبة للاحداث السياسية الحالية من خلال وجبة مسرحية دسمة تم تقديمها ببساطة وسلاسة من خلال سيطرة وسائل الاتصال المتطورة على تفكير الشعوب ومحاولة احلال السلام بشرط وجود قوة تحميه.
اذ يقدم نموذج لثلاث اسر كل منهم تعاني معاناة مختلفة، وداخل كل اسرة نجد نماذج القهر والظلم والفقر كتعبير عن حياة الكثير من الشعوب.
فالاسرة الاولى المكونة من زوج وزوجته يعانيان الملل والفقر والرتابة في الحياة فضلاً عن خلافهما المستمر مع جارتهم "عطيات"" التي تمثل حالة من القوة المشتتة التي لا تستطيع التفكير بمفردها بل هي في حاجة دائمة لمن يوجهها وتعانى مشكلة الطرد من شقة الزوجية بعد وفاة زوجها الطاعن في السن ومحاولة ابنائه الحصول على هذه الشقة.
اما النموذج الآخر فيعد محور الاحداث كلها فالاسرة مكونة من الام والابنة والابن العائد من الخارج الذي يفاجأ بوجود خلافات بين والدته سلوى عثمان وشقيقته حنان مطاوع تصل لدرجة اتهام شقيقته لوالدته بأنها السبب في وفاة الوالد بل انها قتلته بمساعدة حبيبها القديم وابن عمها الطبيب الذي قام باعطاء والدها حقنة هواء لكن الام التي تمثل التسلط والنفوذ تنفي التهمة عن نفسها وتحاول استقطاب الابن في صفها على حساب الابنة بل انها تتهم ابنتها بالجنون لتبرئة نفسها ويبدأ الصراع بين اطراف الاسرة فالابن العائد من الخارج يحلم بتطبيق مشروع عمره وهو ايجاد الطعام لكل فرد فحلمه يتمثل في ان يسود السلام العالم وان تتوزع الثروات على المجتمعات بالعدل بدلاً من الصراعات الدائرة لتحقيق مطامع معينة وهي اشارة واضحة للاحداث الراهنة لذلك نجد الابن يحاول اقناع شقيقته بنسيان الماضي لتحقيق حلمه في المستقبل ليسود السلام لكن شقيقته تطالب بالثأر ممن قتلوا والده فالسلام لن يطبق الا بوجود قوة تحميه ومن هنا نجد الحلم يتفرق بين عدة اطراف فالام تحاول تبرير الجريمة والسيطرة على كل شيء والابنة تصارع من اجل الثأر لوالدها والابن يحاول التوفيق بين مختلف الاطراف لاحلال السلام.
في النهاية نجد ان الحل يتمثل في التوحد لايجاد القوة التي تحمي السلام، لكن العرض ينتهي كما بدأت على صوت دقات الساعة والخلاف المعتاد في الاسرة الاولى بين الزوج وزوجته على نوعية الطعام وكأن عجلة الزمن توقفت عند هذا الحد.
النهاية رغم انها متشائمة الا انها تعكس الواقع الحالي الذي يمثل حالة التشتت العربي وعدم القدرة على التوحد.