في الجزء الاول من هذا الموضوع والاسبوع الماضي تحدث الدكتور محمد العسال استشاري امراض القلب عن التشوهات الخلقية مبينا انواعها وشارحا مسبباتها وفي هذا الجزء نكمل مابدأناه حيث يجيب عن بقية اسئلتنا وفي مقدمتها التعريف بمرض رباعية فالو الذي اكتسب اسمه من جمعه بين اربعة تشوهات قلبية (خلقية) شاذة تتمثل في:
ـ حدوث ثقب في اعلى الحجاب الفاصل بين البطينين الايمن والايسر.
تضخم في البطين الأيمن
ـ تضيق او رتق في مدخل الصمام الرئوي.
ـ تمركز خاطئ لجذر الشريان الأبهر.
وتشكل رباعية فالو اهم الامراض التي تسبب الزرقة عند الرضع او الاطفال الصغار. تبعا لما سبق، وعند كل انقباض للقلب، يندفع خليط من الدم الاتي من البطين الايمن الى الشريان الابهر، ليتوزع على جميع انحاء الجسم ملونا الطفل بلون ازرق قاتم، نظرا لكون الدم الذي يروي جسمه قليل التشبع بالاوكسجين. تظهر اعراض رباعية فالو بعد الولادة بساعات قليلة او بأيام معدودة ويأخذ الطفل تدريجيا في اكتساب لون ارزق قاتم يشتد على الاخص عند البكاء او الصراخ او الرضاعة او الاصابة بالتهاب معين، ونادرا تكون مصحوبة بزرقة وقد يحصل هذا الامر عندما يكون التضيق في مدخل الصمام الرئوي معتدلا وليس شديد الوطأة. ويتم تشخيص هذا المرض بالفحص السريري الذي تظهر فيه الزرقة المركزية بوضوح وتسمع نفخة انقباضية خفيفة عند التنصت، وتكون في منتصف الصدر في الجانب العلوي والايسر من القفص ويكون الجزء الثاني الرئوي من الصوت الثاني للقلب ضعيفا او بعيدا، ويؤكد التخطيط الكهربائي للقلب التشخيص، وتظهر من خلاله ضخامة في البطين الايمن. اما الصورة الشعاعية للصدر فتظهر بدورها ضخامة في البطين الايمن وشكلا للقلب يشبه الحذاء العالي (البوت) وتدل بوضوح على النقص الكبير في تروية الرئتين. وتخطيط الصدى يسمح برؤية الفتحة بين الاذنين بوضوح، والتضيق في الصمام الرئوي ومدى امتطاء الشريان الابهر للحجاب الفاصل. اما الاستعانة بقسطرة القلب وتصويره مع الاوعية فيبرزها التثبت النهائي من المرض وتحديد التشويه تحديدا دقيقا بعينة التحضير والتخطيط للعملية الجراحية الضرورية والواجبة.
ـ العيب الحاجزي الاذيني مع تضيق الصمام الرئوي: يصعب في هذا المرض مرور الدم عبر الصمام الرئوي فالرئتان للتنقية. يؤدي ذلك الى ضخامة في البطين الايمن الى الاذين الايسر عبر الفتحة المرضية الخلقية غير المغلقة وينقص تشبع الدم بالاوكسجين، ويتلون الطفل بالزرقة ولتشخيص هذا المرض يلجأ الى الوسائل نفسها المعتمدة سابقا في مرض رباعية فالو وقد يكون انجحها قسطرة القلب وتصوير مع الاوعية بعينة التشخيص النهائي والجازم للمرض والتخطيط للعمل الجراحي فيما بعد.
رتق الصمام المثلث الشرف
يصعب مرور الدم في هذا المرض من الاذين الايمن الى البطين الايمن وعبر الصمام المثلث الشرف المتضيق كثيرا، فيرتفع الضغط في الاذين الايمن الى الاذين الايسر عبر الفتحة بينهما فينقص تشبع الدم بالاوكسجين ويتلون الطفل بالزرقة. وهكذا يرى في هذا المرض تضخم في البطين الايسر يميزه عن جميع الامراض القلبية الخلقية الاخرى ذات الزرقة وهكذا يرى لهذا المرض تضخم في البطين الايسر يميزه عن جميع الامراض القلبية الخلقية الاخرى ذات الزرقة اما البطين الايمن وعلى العكس مما يحصل في بقية الامراض الخلقية ذات الزرقة فينكمش بدلا من ان يتضخم وذلك لقلة الدم الذي يصله من الاذين الايمن.
ـ تغيير وضع الشرايين الكبرى: هو مرض يتميز بتبدل وانقلاب في تمركز شرايين القلب الكبرى فيخرج الشريان الابهر من البطين الايمن، والشريان الرئوي من البطين الايسر، ويرافق هذا التشوه الكبير تشوه اخر يتميز بالفتحة بين القلبين الايمن والايسر على مستوى الاذنين او البطينين او القناة الشريانية السالكة، ويؤدي ذلك الى اختلاط كبير في الدم وزرقة. يعتمد في تشخيص المرض على طرق متعددة وعلى الاخص تخطيط صدى القلب وعلى قسطرة القلب والشرايين وتصويرها بهدف التخطيط للعملية الجراحية فيما بعد.
ـ الجذع الشرياني: يتميز هذا التشوه الخلقي بوجود للشريان ضخم واحد بدلا من الشريان الابهر والشريان الرئوي وهو علىالارجح شريان ابهر اكبر حجما من المعتاد، يمتطي فتحة في اعلى الحجاب الفاصل بين البطينين، ويتفرع من هذا الجذع الشرياني الكبير شريانان ينقلان الدم الى الرئتين لتنقيته وهكذا وعند كل انقباض قلبي، يندفع الدم من البطين الايمن والبطين الايسر الى الجذع الشرياني ومنه الى الرئتين ومختلف انحاء الجسم مما يؤدي حتما الى زرقة. وقد اثبتت دراسة الناحية الفيزيولوجية لهذا المرض انه يتشابه في هذا المنحى مع مرض رباعية فالو.
تشوهات من دون اتصال بين جزءي القلب
تتميز هذه التشوهات الخلقية التي تولد مع الطفل وعلى العكس من سابقاتها بعدم وجود اتصال بين ايمن القلب وايسر القلب ويكون بالتالي الحاجز الفاصل سليما.
امراض ايمن القلب: ان من اهم امراض ايمن القلب الخلقية في هذا الحقل التضيق في الصمام الرئوي ويؤدي هذا التضيق الى ارتفاع الضغط في البطين الايمن وذلك لعدم تمكن الدم من الاندفاع براحة من هذا البطين الى الشريان الرئوي فالرئتان فيحصل جراء ذلك ضخامة في البطين الايمن وارتفاع في ضغط الاذين الايمن ونقص وقصور في تروية الرئتين وزرقة عند بذل اي جهد. اما الاعراض التي ترافق هذا التشوه القليل فقليلة نسبيا وتنحصر في ضخامة في البطين الايمن وارتفاع ضغط الاذين الايمن، وقصور في تروية الرئتين، وزرقة عند بذل الجهد.
امراض ايسر القلب: ان اهم مرضين من امراض ايسر القلب الخلقية في هذا المجال هما تضيق في برزخ الابهر واعتداد في مخرج البطين الايسر، فيؤدي رتق برزخ الابهر الى ارتفاع في ضغط هذا الشريان قبل التضيق وهبوط في ضغطه قبل التضيق فيخف حينئذ جريان الدم الى الاطراف السفلى. وقد يشاهد احيانا تشوه خلقي مرافق لهذا التضيق ويكون في صمام الابهر الذي يتكون عندها من وريقتين بدلا من 3 وريقات مما يسهل تضييقه وحصول الالتهابات فيه اما اهم الاعراض فهي: تعب والم في الرجلين عند المشي، ضيق النفس عند الاجهاد.
@ هل تتسبب التشوهات الخلقية للقلب في موت الطفل؟
ـ لحسن الحظ ان معظم تشوهات القلب الخلقية قابلة للعلاج وبعضها يشفى تلقائيا كما ان جراحة القلب شهدت تطورا مهما بحيث اصبح بالامكان تصحيح هذه التشوهات التي تستعصي على العلاج الدوائي. انما الامر يتطلب تعاونا وثيقا بين الاهل والطبيب وذلك باجراء فحوص دورية مختلفة ومتكررة ومراقبة الطفل المريض بشكل منتظم.
كذلك لابد من الاثارة الى ضرورة اجراء الفحوص الدورية في سن الطفولة وفي سن الدراسة لاهميتها في كشف الامراض والتشوهات القلبية وقد يكون ذلك عن طريق الصدفة احيانا كما ان النفخة الانقباضية البريئة والتي تسمى بالصفرة تكثر عند الاطفال ولايتوجب اعتبارها حالة مرضية مطلقا الا اذا رافقتها اعراض وعلامات مرضية.