إن المخاوف التي يثيرها البعض من إمكانية ان تترك عودة العراق إلى دوره الاقتصادي الطبيعي بما ينطوي عليه من امكانات وثروات، آثارا سلبية على الاقتصاديات الإقليمية ومنها الاقتصاد الخليجى بشكل خاص، هي مخاوف ليست في مكانها، وخصوصا فيما يتعلق بمستوى انتاج العراق للنفط وعقود التصدير التي يتطلع لاستئنافها.
جاذبية الاستثمارات
لن يؤثر انتاج العراق على انسيابية وتوازن السوق النفطي العالمي، الا انه قد يؤثر قليلا على جاذبية الاستثمارات في القطاع النفطي لدى دول الجوار، لان عملية التنمية التي سيشهدها العراق والتى تقتضى انفاق المليارات من الدولارات، قد تدفع بالشركات العالمية الى تركيز اهتمامها على العراق بشكل قد يفقد الاقتصادات الاقليمية جزءا من جاذبيتها وقدراتها التنافسية خاصة فيما يمكن ان تتعرض له قطاعات النفط فى المنطقة من تصاعد فى حدة التنافس على استقطاب الاستثمار الاجنبى، كنتيجة لما يوفره قطاع النفط العراقى للشركات من وجود مهم فى ثانى اغنى قطاع للطاقة فى العالم مما يمكن ان يقلل من جاذبية الصناعة النفطية فى الدول المجاورة الاخرى للاستثمار الاجنبى.
فرص للتنافس
كما ان التنمية الاقتصادية التي سيشهدها العراق فى حال مضيها مثلما هو مخطط لها ستسهم فى تعزيز التنافس بين اقتصادات المنطقة غير انها يمكن ان تتيح فى الوقت ذاته المجال امام هذه الاقتصادات لاستغلال فرص عظيمة يمكن ان تعود عليها بفوائد تفوق كثيرا ما يترتب على المنافسة من آثار.
يوفر الاقتصاد العراقى فى الوقت الحاضر فرصة مهمة امام نمو الاقتصادات الخليجية حيث ان وجود الفرص لا يكفل وحده تحقيق الاستفادة القصوى للاقتصادات الاقليمية من التنمية فى العراق فالمنافسة العالمية والاقليمية على سوق العراق تتطلب استغلال الفرص ورسم استراتيجيات وخطط تفصيلية قادرة على تحديد هذه الفرص بشكل دقيق مع سبل التنافس مع الاخرين للفوز بها كما يتطلب اقامة العلاقات والاتصالات المناسبة التى تضمن من خلال التعريف بالقدرات والكفاءات المتاحة الوصول الى جهات صناعة القرار فيما يتعلق بالاقتصاد العراقى.
العراق وأوبك
ان قضية انسحاب العراق من اوبك ليست مدرجة في الوقت الحالي على جدول اعمال الادارة التي عينتها الولايات المتحدة لتسيير شؤون العراق، فالعراق عضو مؤسس في اوبك وكان عضوا في المنظمة على مدار اربعة عقود.. فالعراق الذي استبعد من حصص الانتاج للدول الاعضاء في اوبك بسبب العقوبات التي فرضت عليه لغزوه الكويت في عام 1990... يتحرك سريعا لاستئناف مبيعات النفط واصلاح شبكات الاتصال وتعديل عقود التصدير، سيما وان مجلس الامن قد وافق على رفع العقوبات المفروضة عليه.
وتتطلع مؤسسة تسويق النفط العراقية الحكومية (سومو) لتصدير اول شحناتها من الخام من المخزونات في غضون الايام القليلة القادمة، علما بأن العراق لا يخضع لحصص المنظمة بعد الا انه يعمل وفق تنسيق تام مع الدول العشر الاخرى الاعضاء في اوبك، لكنه ينتج وفق رغبته لان طاقته ما زالت محدودة.
و تعكف (سومو) على صياغة عقود جديدة لتوريد النفط الخام ولكنها لن تدخل على الأرجح سوى تغييرات طفيفة على الشروط المستخدمة في ظل برنامج النفط مقابل الغذاء السابق الذي كانت تشرف عليه الأمم المتحدة.
ومن المتوقع أن تبدأ بغداد اليوم بتصدير اول كميات من النفط من الخام الموجود في خزانات بميناء جيهان التركي وهو منفذ تصدير الخام من حقول النفط في كركوك.