ليس على كل الاحوال ينجح الاقتصاد فيما تعجز عن تحقيقه السياسات, وبالأخص في وضع منطقة معلق على حبال الهواء كما نقول نحن هنا, بل وقابل لأن يصبح صفيحا ساخنا لا تحتمله اقدام ولا كراعين الشركاء ناهيك عن جيوبهم ومشاريعهم التي يراد لها ان توجد سوقا اقتصادية ومنطقة تجارة حرة بين العرب واسرائيل.. ولكن الامريكيين متحمسون جدا لموضوع الشرق اوسطية هذا, ويراهنون على ان البزنس كفيل بانتزاع ما عجزت عنه المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين منذ اتفاق واشنطن بين عرفات ورابين.. مشاكل المنطقة التاريخية الأزلية في فلسطين وبقية المناطق العربية المحتلة مضافا عليها الملف العراقي الساخن تحشرها واشنطن على طاولات المال والاعمال في حركة يبدو انها لفتح شهية اليهود للتحرك على خارطة الطريق في مناخ واعد بمشاركة المجتمع ويخدم الهيمنة الاسرائيلية اقتصاديا بين جيران مستهلكين في هذه الشراكة.. ولعل في علو كعب الخطاب السياسي في مؤتمر البحر الميت على الخطاب الاقتصادي لمداولات المؤتمر وبالأخص ما اختص بخارطة الطريق والملف العراقي دليل صريح ومباشر على ان طبيعة الوضع العربي ـ الاسرائيلي من غير الممكن التعاطي معه بأدوات غير التفاوض السياسي المفضي لواقع عملي يتطابق مع الخارطة المقترحة.. فالادارة الامريكية تتوهم كثيرا وهي تجيش الرأي العام العربي وبعض القوى الرأسمالية فيه للتفكير في أزمة المنطقة من زاوية المصالح والمكاسب الشعبية لا المؤسسية الرسمية.. فالافتراض الخاطىء في الرؤية الامريكية والمتمثل في الدفع بقوى المال والانتاج في المجتمعات العربية لكسر الحواجز النفسية بين العرب واسرائيل بعد ان فشلت مؤسسات السياسة العربية في ترجمة ذلك الى واقع حتى مع الدول الموقعة على اتفاقيات سلام ثنائية مع اسرائيل هو افتراض غير منتج اصلا في الموضوع الفلسطيني في ظل السياسة الاسرائيلية المتذاكية والتي تحفظت على خارطة الطريق فيما يقارب الـ 14 نقطة لم تتفهمها واشنطن فحسب وانما اخذت في تفعيلها بطريقتها البراجماتية المعهودة.