يشكل الاطفال ذوو الحاجات الخاصة نسبة كبيرة على مستوى العالم تقدر بـ 10% من مجموع السكان ويقع اكثرها في البلدان النامية التي تصنف البلدان العربية من ضمنها، وذلك مجموعة من الظروف والعوامل اهمها الجهل المعرفي والاجتماعي، حيث ان غالبية الناس في هذه البلدان لا يعرفون كيفية التعامل مع هؤلاء رغم انهم يتعايشون معهم بشكل يومي وحتى عوائلهم تجد ان هناك مسافات قد تبعد وقد تقرب بينهم بسبب الجهل في معارفهم وعدم مقدرتهم على فهم احتياجات هذه الفئة.
وفضلا عن ذلك فالخدمات الصحية والاجتماعية المقدمة لهذه الفئة في اغلب البلدان هي دون المستوى، وفي بعض البلدان يعاملونهم كما يعاملون عامة الناس وهي مسألة ينقصها الكثير من الرعاية وتقدير الاحتياجات التي هم في حاجة ماسة إليها. وفي الفترة الاخيرة ظهر ما يسمى بالتربية الخاصة التي اهتمت بهذه الفئة من الاطفال متمثلة في مؤسسات وافكار ودراسات مستفيدة من النتائج التي وصل اليها علم النفس الخاص والعلوم الطبية والتقنية في وضع البرامج وصياغة طرائق التعامل والتعليم بما يتناسب ووضع الطفل للتغلب على مشكلاته التي احدثتها الاعاقة. ويمكن تحديد هذه الرعاية حسب المؤلف في أمرين هامين اولهما: تصحيح الانحراف في النمو النفسي عند الاطفال المعوقين على اساس بناء تشكيل المهارات المطلوبة وجوانب الشخصية المختلفة بهدف الرفع من السوية العقلية والانفعالية والشخصية واما الامر الثاني فهو: تحصين النمو النفسي عند الطفل المعوق بمواجهة النزعات السلبية السلوكية والاشكال المختلفة لعدم التكيف. وينطلق المؤلف من خلال هذين الامرين في محاولة لتوضيح بعض ما يتعلق بهذه الفئة وتصحيح المفاهيم الخاطئة في كيفية التعامل معها، وان من المهم كما بالنسبة للطفل المعوق كذلك للمجتمع النظر الى ما يستطيع الطفل القيام به. ويحاول منذ البداية تعريف بعض المصطلحات والمفاهيم كالاعاقة التي عرفها حسب نظرية العالم الروسي ليف فيكو تسكي، وهي عطب في الجهاز العصبي تدخل حيز اهتمامنا من كونها تسبب انحرافات وصعوبات في النمو النفسي لحاملها، وكذلك كلمة التأهيل وهي طريقة التعامل مع الطفل المعوق والظروف المحيطة به لتصحيح مسار النمو النفسي عنده والهدف النهائي من عملية التأهيل هو الدمج الاجتماعي للاطفال المعوقين واعادة الاعتبار لهم كافراد على قدم المساواة في الحقوق والواجبات. وقد تزايد الاهتمام في السنوات الاخيرة من قبل التربويين والاخصائيين في معظم بلدان العالم بمشكلة الدمج التربوي والاجتماعي للاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتكمن اهمية الدمج في ان هذه الفئة كانت تعيش في عزلة في السابق كونها لا تستطيع التأقلم مع بقية افراد المجتمع لشعورها بأنها فئة دونية وغير قادرة على التعبير عن همومها.
ويؤكد الكاتب على اهمية ترسيخ مفهوم الحاجات الخاصة كبديل حقيقي لفلسفة ومفهوم التربية الخاصة التي هي من مفاهيم الحقبة السابقة وتعنى بعزل هذه الفئة في مجمعات ودور رعاية خاصة بهم شارحا اهم الفوائد لهذا الدمج في:
1- حضور ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسات المجتمع والمشاركة في انشطتها.
2- تأهيل هذه الفئة اجتماعيا ونفسيا حيث يصعب ذلك في دور التربية الخاصة.
3- تغيير اتجاهات عموم الناس وتغيير مفاهيمهم تجاه المعوقين ويلعب دورا وقائيا وعلاجيا في نفس الوقت.
4- ضمان حقوق الاطفال التي نصت عليها المواثيق الدولية بالتعليم والرعاية والعمل.
وهناك الكثير من الفوائد التي يمكن التعرف عليها من خلال قراءة الكتاب الا ان هذه الفوائد بحاجة الى تفاعل المجتمع معها والا ستبقى نظرية محضة، وهو الامر الذي يحتاج الى دراسة ميدانية للتأكد منه.
@@ الكتاب: مشكلات الارشاد النفسي لذوي الاحتياجات الخاصة المؤلف: د. بسام اليان العويل الناشر: دار الخيال - بيروت عدد الصفحات: 160 صفحة من القطع الكبير