يسعى الكثير من المعوقين بصرياً للتعويض عن النقص الذي يعانون منه في إشغال وقت فراغهم بما يعتقدون أنه يسد ذلك النقص، إلا أنهم لقلة خبرتهم لا يجدون الخيارات كثيرة، فغالبيتهم يقضون أوقاتهم في المكالمات الهاتفية، التي يعتبرونها الوسيلة الوحيدة للوصول للعالم الآخر. أو الاستماع للمذياع يقول مهدي عرفات (معاق بصرياً) أنه ما أن يصل إلى البيت حتى يبدأ بالتحدث إلى أصدقائه وأقربائه من خلال الهاتف ويقضي في بعض الأحيان أربع ساعات متواصلة، ويعتقد أنه لا يسبب إزعاجاً لأهله وفي المقابل فإنهم لا يبدون أستياءهم من هذه الحالة حسب رأيه، مضيفاً بأنه لا يملك وسيلة أخرى. ويقول عبد الله الحسن بأنه تعرض لكف البصر منذ أن كان في السابعة من عمره وهو الآن في السابعة عشر، وهو مقبل على الحياة بروح عالية ولا يواجه اي مشكلة في التعامل مع الآخرين، مضيفاً أن سلوته الوحيدة هو الراديو والذي من خلاله يحاول أن يتواصل مع عالمه عبر نشرات الأخبار أو البرامج العلمية والثقافية التي تبث على مدار الساعة، وأنه يميل كثيراً إلى البرامج السياسية والأخبارية ويقول بأن هذه البرامج ومتابعته للإذاعه بشكل عام تجعل من وقته مثمراً ولا يشعر بالفراغ، خاصة وأنه يقوم بزيارات للأهل والأقارب بين فترة وأخرى بمساعدة أخوته. أما الهاتف فعلى الرغم من أهميته ووجود خط هاتفي خاص به في غرفته إلا أنه يؤكد على أنه للاتصالات الضرورية فقط وليس للثرثرة.
ويقول محمد علي أن لديه أحد أقاربه من المعوقين سبب لهم بعض الإحراج من ناحية الهاتف حيث يصر على أن يتحدث لفترات طويلة مع أصدقائه وفي بعض الأحيان يظل الخط مشغولاً لفترات طويلة. مضيفاً أن هذه ليست المشكلة الوحيدة وإنما تكمن المشكلة في فواتير الجوال حيث تبلغ 1000 ريال في بعض الأحيان مما يحملنا أعباء كبيرة ولكننا نضطر لدفع الفواتير وذلك من أجل عدم مضايقته وتسهيل الأمور له، حيث انه يعتقد أن وجود الجوال لديه من الأمور المهمة. ويضيف محمد اننا نعتقد أن وجود الجوال لديه هو أمر مهم فعلاً ولكن من المهم أن نصل إلى حل وسط، فنحن لا نستطيع تحمل أعباء الفاتورة باستمرار.
وتقول أم علي ان ابنها يستغلهم كلما احتاج لأي أمر سواء أموال أو أي أغراض أخرى، ورغم اننا لا نقصر معه في تلبية جميع احتياجاته إلا أنه دائماً ما يصر على استغلال إعاقته، وبالنسبة للهاتف فإننا نضغط عليه في بعض الأحيان لتلافي الإحراج في دفع المبالغ الطائلة التي تكلفنا خاصة بالنسبة للجوال، وفي بعض الأحيان نقوم بتجاهل الأمر ولا ندفع الفاتورة، وعندما تفصل الحرارة يضطر هو لدفعها من مكافأته في الدراسة، ونحن معه في شد وجذب ووصلنا معه مؤخراً إلى اتفاقية ألا تتعدى الفاتورة مبلغ 300 ريال حتى نستطيع دفعها باستمرار.
ويقول زهير خليفة ( كفيف) انه يحب الاستماع إلى المذياع كثيراً ولكن يطغى عليه سماع الأشرطة خصوصاً الأشرطة الدينية والتي تذكر بالآخرة ونصائح مفيدة للشباب، ويقضي زهير ساعات كثيرة مع جهاز التسجيل ولا يتبرم أو يتضايق من إنفاق هذا الوقت، وكذلك فإنه يحب أن يقضي أوقات فراغه وهي كبيرة مع أصدقائه المخلصين والذين يرافقونه إلى أي مكان يريد الذهاب إليه، كما انه يريد أن يشركهم معه في الفائدة حسبما يقول فينقل لهم ما يسمع من نصائح.
ويقول أحمد وهو من أعز أصدقائه إنهم لا يملون منه بسبب مشكلته بل على العكس تماماً يشعرون بالسعادة لمجرد أنهم يجلسون معه لأنه مرح ويحب الحياة ولا ينظر إلى مشكلته بيأس، ولذلك يساعدونه فهو واحد منهم. مضيفاً انه يقرأ له الجرائد والمجلات والكتب بين فترة وأخرى، ونحن حينما نقرأ له الكتب نستفيد أيضاً.