حاجة مجتمعنا لثقافة تصالحية مسألة لاينكرها الا جاهل او لا يعيش معنا على الارض هنا والآن.. اذكر انني كتبت غير مرة في هذه الجريدة وفي العديد من صحفنا عن المساحات المخنوقة في نظامنا الاجتماعي والتي لم تعد تواكب طفرة الوعي الفردي والمجتمعي وقفزات التحديث والتنظيم الحياتية التي تحققت لنا في برنامجنا التنموي.. تعودنا هنا على الاحادية في الرأي وفي التعبير وحتى في التفكير.. ابناؤنا نتعامل معهم بسلطوية ونفرض عليهم ماذا يأكلون وكيف يلبسون ويحكون ودونما ادنى اعتبار لرغباتهم او حتى لآرائهم وكثيرا ما نمنع ونعاقب ودون ان نعرفهم اخطاءهم ولماذا كان عقابهم.. دور التربية والتعليم هي الاخرى لا تساعدنا كثيرا كآباء وامهات في تعاملهم مع الطلاب والطالبات.. لا يوجد في عرف المربين والمربيات اي شيء اسمه شخصية للبني آدم.. لا اعتراف بظروف فردية ولا مواهب ذاتية وملكات خاصة ولا وقت للتدريب على عمليات التفكير والتحفيز لرؤوس الصغار للتحليل والتفسير والتعبير.. المهم انهاء المقرر وبأسلوب تلقيني لا يتماشى مع الواقع الرقمي الذي يعايشه هؤلاء في محيطهم الاجتماعي وبيئة الاصدقاء والاقارب هي الاخرى ذات نفوذ ..البقاء فيها للاجراء والفهلوي وصاحب الصوت العالي والنشمي بذراعه والذي تربى على نظرية الذئب سرحان.. وبيئة العمل هي الاخرى قاموسها ليس البقاء للاصلح او الرجل المناسب في المكان المناسب او الادارة بالاهداف وانما قانون الغاب والميكافيلية البغيضة في الترقيات في المناصب.. فلا احد يحاسب على الانتاجية اصلا والجميع يستلم راتبه آخر الشهر ويترقى آخر العام وتأتيه علاوات ولا احلى من كذا.. ودوما ما يدفع الضريبة الجاد والطموح سواء باستغلاله او تجيير اعماله من المتنفذين والرؤساء واصحاب المهارات الفردية العالية في الدجل والصرف والنفاق.. احوالنا الاجتماعية في نظري تنتج لنا بني آدم منتجا ومسئولا ومتصالحا مع العالم من حوله بحاجة لتشريح سوسيولوجي على رأي علماء الاجتماع لكل ماله علاقة بالتنشئة الاجتماعية والثقافية بأسلوب عقلاني وواقعي ويخدم المجتمع في نهاية الامر.. المجتمع مثله مثل المريض بحاجة للاستلقاء على سرير الطبيب والتصوير الاشعاعي والتحليل لنظامه القيمي وبمنطق وشروط اليوم يستأصل السلبي ويقوى الايجابي وغدا اكمل.
