احيانا اشعر بان للعطلة الصيفية بابا غامضا لا تعرف عندما تفتحه ما الذي سيفاجئك، وردة للفرح يطيب بعطرها الوجه ويتنور الليل، ام جمرة الحزن الملتهبة فتحرق الايام القادمة وتترك مكانا معطوبا غير قابل للاندمال ابدا.
صرت اضع يدي على قلبي مع مقتبل كل عطلة صيفية حال تبدأ المدارس في تنفيض غرفها وساحاتها من الطلاب الذي يحملون اعمارهم الغضة على صهوات جامحة ويعبرون الى فضاء الشوارع يجوسون بنزق تلك الاعمار الصغيرة، بطيش كما اللهب يشتعل باقدامهم ويخض دمهم الى منتهاه ليمارسوا، ما ظنوه البهجة تحت (شمس حادة وبشر مسرعين).
اعمار طرية توها في التشكل والبزوغ والوعد. يرسم الاهل الاماني، ويغدقون على المستقبل غيمة زرقاء وبشرى تلتقط نم اقل اللفتات والتعبيرات، يجعلونها رصيدا يراكمون عليه الامل. ولا يكون الصغير وقتها صغيرا، بل هو المستقبل الذي يحط امام العينين، يأخذ من اليدين المانحتين زادا واجنحة.
يا لهؤلاء الاهل. يا لقلوبهم المنهوبة باعمار غضة على صهوات جامحة. يا لهؤلاء الاهل لا يعلمون بماذا سينفتح عليهم باب الصيف، ويدلف الاولاد الى ما يحسبونه مرتعا للمرح وتبديدا للوقت بما هو فراغ يستحسن تصريفه ي جولات مجنونة على اديم شوارع الاسفلت تصقلها شمس الصيف وتجلوها بالسراب.
.. لكن الاسفلت ليس طريا ومياهه ليست خضراء. الاسفلت بقعة سوداء صلدة حين يرتطم بها الفتيان في حديد السيارات، فتزداد قتامة ووحشية.
يرتفع رنين الهاتف.
يرتفع العويل.
راية سوداء تنعقد للموت:
(الفتى قضي في حادث سير).
ماذا يفعل الاهل ببقية الصيف، ماذا يفعلون باعمارهم وآمالهم المطمورة في هياكل السيارات المبعوجة يسيل منها جسد الورد، ونزيز الحلم الذي لم يستو على سوقه.
كل صيف، وهذا الباب لايرتدع. نجرع منه كؤوس الاحزان. تهجم قطع من المرارات بغير هوادة.
كم هو الوجع ضار ولا يقال.
ابناءنا ماذا تصنعون بنا؟