لاشك ان انتقاد رايس لانجاز مشروع شارون المسمى بـ (الجدار الأمني) هو انتقاد منطقي ذلك أن زرع أجواء من الثقة المتبادلة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي للولوج الى تطبيق عملي على الارض لنصوص خطة خريطة الطريق يعني ان اقامة الجدار عملية غير سليمة، كما يعني من جانب آخر ان نوايا اسرائيل في العدوان مازالت مبيتة رغم ان رايس تمكنت من تحقيق انجازين حيويين يضعان الخطة السلمية الرباعية موضع التنفيذ, هما اعادة الانتشار العسكري في قطاع غزة واعلان الهدنة من قبل الفصائل الفلسطينية، وحتى الآن فان المناخات تبدو ملائمة للبدء في تنفيذ الخطة السلمية ان لم تعمد اسرائيل لخرق تعهداتها وتعود لممارسة اساليبها الملتوية من جديد ولعل شارون بصلفه المعهود تعمد اثناء محادثاته مع رايس ان يثير العودة الى تلك الممارسات من خلال تأكيده ان مشروع الجدار الفاصل هو مشروع امني لاسياسي، وانه على غير استعداد للتراجع عن تنفيذه حتى وان غضبت منه الادارة الامريكية، وان المرحلة المقبلة من خريطة الطريق سوف تعلق اسرائيليا مالم يفكك الفلسطينيون فصائلهم، وتلك تأكيدات تلوح بان اسرائيل على استعداد في كل الاحوال للاجهاز على خطة السلام الرباعية والقفز على نصوصها، فوضع الشروط والتعجيزات للحيلولة دون الوصول الى تسوية سلمية يعني بوضوح عدم الرغبة في السلام وتصعيد موجات التوتر في المنطقة، فالهدنة مربوطة بالتزامات يتوجب على اسرائيل انفاذها ومنها وقف العمليات الاستيطانية ووقف اشكال العدوان على الشعب الفلسطيني واطلاق الاسرى والشكوك الفلسطينية والعربية تحوم حول هذه الالتزامات، غير ان الفصائل اعلنت انها في حل من الهدنة ان لم تستجب اسرائيل لشروطها، ولاشك ان اجماع الفصائل على الهدنة يعني تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية التي ارادت اسرائيل ضربها في مقتل بأساليبها المكشوفة للتمهيد لقيام حرب اهلية بين الفلسطينيين، كما ان الاتفاق على الهدنة بالاجماع يقطع الطريق امام مناورات اسرائيل للتملص من انفاذ خطة خريطة الطريق، والوضع في هذه الحالة رغم التفاؤل الحذر بامكانية بدء انفاذ الخطة السلمية الرباعية يتطلب ضمانا امريكيا تلتزم اسرائيل بموجبه باحترام تعهداتها، ويتطلب في الوقت ذاته وضع قوة مراقبة دولية لسلامة انجاز تلك الخطة بكل مراحلها.