عزيزي رئيس التحرير
يقترب موسم السفر لهذا العام ومجتمعنا السعودي كغيره من المجتمعات تعتريه عدة متغيرات متسارعة برزت بعضها من رحم هذا المجتمع المحافظ وبعضها لكون هذا المجتمع جزءا من المنظومة العالمية يؤثر ويتأثر بها. من هذا المنطلق أجدها فرصة سانحة للدعوة الى استغلال موسم سفر هذا العام الى الدول العربية والأجنبية بأسلوب ومفهوم وسلوك آخر من قبلنا كأفراد وعائلات سعودية, وذلك بتوظيفه كحملة علاقات عامة تحت شعار (تواصلنا معكم يثري علاقتنا بكم) وأعني بكلمة (بكم) مواطني البلدان التي سنقوم بزيارتها.
أعرف عزيزي القارىء ان سؤال: كيف نحقق ذلك؟ بدأ يتقافز أمامك. الجواب بمنتهى البساطة هو محاولة التعايش والاندماج قدر الإمكان مع عادات وتقاليد وممارسات ذلك البلد حسبما تمليه علينا قناعتنا الفردية, والبعد كل البعد عن تسفيه ونقد تلك العادات والممارسات لأنها غير متوافقة مع ما درجنا عليه, او لأنها على نقيض ما ألفناه.
فمن أوجه التعايش المحببة لدى كافة الشعوب تقريبا محاولة تجربة وتذوق طعام تلك الشعوب, وطرح بعض الأسئلة البسيطة عن مكونات او طريقة اعداد تلك الأطباق مما يوجد بينك وبينهم أرضية تفاهم مناسبة تسمح بمناقشة وسبر أغوار أمور تتعدى الحديث عن مكونات وطريقة تلك الأطباق. ما جرني الى الحديث عن هذه النقطة هو حرص البعض منا أثناء سفرهم على التزود بنوع معين من الأطعمة, وكأنهم ذاهبون الى غزوة او مناطق يندر فيها وجود مكونات مأكولاتهم الشعبية من أرز وبهارات ودقيق وخلافه. أعرف انه لا غضاضة من عمل ذلك, ولكن لنكن أكثر وعيا بفوائد السفر التي من بينها معرفة البلد الذي نزوره عن قرب من خلال الاحتكاك به عن قرب على كافة الأصعدة الاجتماعية والثقافية.
كيف يتسنى لنا معرفة عادات ذلك البلد والبعض منا يمارس أنشطته اليومية أثناء سفره وكأنه لم يبارح احد مكان اقامته سواء في الدمام او الرياض او جدة أو غيرها من مدن المملكة الأخرى. فهناك فئة من الناس أثناء سفرهم لا يحرصون على تناول إلا أطباق الطعام المألوفة لديهم من كبسة او مطازيز او مرقوق او معصوب وكأن عينيه معصوبة عن أطعمة البلد الذي يزوره.
ولا يقرأ إلا الصحيفة التي تعود على قراءتها في بلده الأصلي وكان جميع ما يطرح في صحف تلك البلدان التي يقوم بزيارتها لا يرقى الى مستوى فكره. ولا يحتك إلا بالأفراد المرافقين له, وكأن كل ما في ذلك البلد من بشر جند لسرقته والنصب عليه, وان زار مطعما فهو لا يزور إلا المطعم الذي قائمة طعامه وتصميم حجيراته مشابه للمطعم الذي يقطنه في مدينته. اما في حالة عثوره على مطعم يعطي زبائنه حرية تناول الطعام بافتراش الأرض وتناول الطعام عليها بيده, فهذا وحده يعد فتحا عظيما من فتوحات تلك الرحلة وسيدور خبره عند العربان.
خلاصة القول: هلا حاولنا التصرف ببساطة وبروح انفتاحية أكثر أثناء تنقلاتنا في هذه المعمورة, وحاولنا تقديم أنفسنا على اننا نشترك مع الغير في السمات الشائعة بينهم أكثر من اختلافنا معها. وهذا حسب تقديري يبدأ بتنمية ذائقتنا المجتمعية على تقبل ومسايرة الشعوب الأخرى في مأكلها ومشربها وملبسها وطرق تفكيرها, ومحاولة مصاهرة تلك الخبرات مع ما يتوافر لدينا من ممارسات قابلة للتطوير.
وليد يوسف الهلال
الظهران