سعادة رئيس التحرير..
عبر "اليوم" أتوجه بهذا النداء لما فيه من خير وصلاح للجميع.
كثيرا ما يتطرق المصلحون والعقلاء الى مقولة بات البعض يراها ممجوجة، ألا وهي "إننا كمسلمين مستهدفون في كل أمورنا". واذا افترضنا حسن النية وسلامة الطوية لدى ذلك البعض، فإن العبارة أيضا من وجهة نظري بحاجة الى شرح ومزيد بيان لاغلاق الباب أمام من يريد المزايدة عليها ولتثبت يقينا في الوجدان.
أولا: كوننا مسلمين فإن جميع أعمالنا وتصرفاتنا يفترض أنها مرهونة ومقيدة بأوامر الشرع، وهذا أمر مفروغ منه ولا يجادل عليه أحد.
ثانيا: كوننا لا نعيش بمعزل عن الآخرين ـ غير المسلمين ـ فإننا معرضون ولا ريب للتعامل معهم والأخذ والعطاء.
ثالثا: كوننا تخلينا عن دورنا الريادي في قيادة الأمم لتخلينا عن كثير من شريعتنا فقد اضطررنا على اثر ذلك الى الأخذ منهم كثيرا وقل منا العطاء وهذا نهج الضعفاء.
رابعا: لأولئك القوم دين وفكر ونهج حياة خاص بهم، ولما كانوا هم الأقوياء في كل مناحي الحياة ـ خلا الناحية الروحية ـ لذا فقد دانت الدنيا لهم وللأسف الشديد فالصحيح ما ارتضوه والضد ما دانوه، وبالتالي فثقافتهم هي السائدة قسرا لمن أراد النأي عنهم والتمسك بارثه أو رضاء لمن انجرف نحوهم بحكم ميل الضعيف لسلوك درب القوي خصوصا منهم من لا يملك دينا قويا أو مبدأ صلبا أو عقلا راشدا. نعم هم أحرار فيما يعتقدون وما ينتهجون وما يأتون وما يذرون، كما أننا أيضا أحرار في كل ما سلف "لكم دينكم ولي دين". هاهي منتجاتهم تغزونا في عقر دارنا بما تحمله من قيم تغلب عليها مخالفة النهج الذي سلكناه دينا "ولا أقول عرفا"، وهذا هو الاستهداف سواء كان ذلك مقصودا به هدم أسوار القيم لدينا أم أن الأمر لا يعدو تصدير رؤاهم في الحياة وهم يرون صحتها على كل حال. دعونا أيها الأكارم نأتي على أحد المنتجات التي غزت أسواقنا حتى أضحت هي القاعدة وغيرها الشاذ، وما ذاك الا لتقاعسنا عن واجبنا الديني والخلقي.
المنتجات التي نقصدها في هذا المقال ليست الا تلك الملابس النسائية المستوردة من دور أزياء غربية لا توجد في قاموس أصحابها مفردات مثل "حرام، لا يصح، لا يجوز أو عيب". واذا كنا لا نعيب على أمثال هؤلاء هذا النهج اذ ليس بعد الكفر ذنب كما يقال، فإننا لا يمكن أن نبرىء ساحة أولئك التجار من بني جلدتنا ـ وهم المسلمون أبا عن جد ـ من جريرة جلب مثل هذه الملابس لنشرها بين بنيات ونساء بلدهم الذي مازال يمسك بأهداب العقيدة الغراء ويعظم أهله شرائع الاسلام. قد يقول قائل إنهم لم يقسروا المتبضعات قسرا على الشراء، اذا فلا ذنب لهم، وهذا أمر مردود لأننا كما أسلفنا فينا ضعيف الايمان كما فينا قويه وفينا ضعيف العقل كما نملك رشيده، فلذلك وضع المغريات أمام البعض فيه خطر عظيم والمسألة لا تعدو بداية خطأ يقترفه البعض ثم ما يلبث المجتمع أن يألفه وهنا الطامة العظمى عندما يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا، وهذا الذي ـ وللأسف الشديد ـ أصبح في قضيتنا المطروقة أمرا ملموسا ومنظرا مألوفا. نعم، فكثيرا ما يذهب بعض الصالحات والمحترمات والعاقلات الى أسواق النساء للتبضع مما لابد منه فتحفى أقدامهن بحثا عن لباس ساتر، فلا يجدن الا ما يخزي وما يخشى على المتدثرات به أن يتشبهن بالأخريات.
السؤال الذي ينبغي طرحه: من الذي سمح بتسريب تلك القاذورات؟ وان كانت تسمى زورا ألبسة نسائية، أليس يوجد لدينا على المنافذ برها وبحرها وجوها ممثلون لقطاعات التجارة وهم مخولون بعدم السماح بدخول كل ما يخل بأوامر ديننا الكريم وقيمنا الفاضلة ومن ذلك هذه الملابس التي لا يمكن تصور امرأة مسلمة ترتديها راغبة وهي بكامل عقلها ورشدها؟. اعذروني أيها الاخوة الأكارم على تلك الشدة، فأمر الأعراض خطير ولا ينبغي التهاون فيما قد يفضي ـ ولو احتمالا ـ الى المساس بها. انني من خلال هذا المقال وعبر هذه الجريدة الغراء "اليوم" أسوق الى وزارة التجارة وأي قطاع آخر ذي علاقة بموضوعنا، نداء وصيحة علها تبلغ مداها المأمول قبيل انقطاع النفس، أن أريحوا أنظارنا من رؤية تلك الملابس بالأمر بالتخلص منها وعدم السماح باستيراد مثيل لها، ولن نعدم أبدا ما دمنا غير قادرين على التصنيع. إن وجود ألبسة محتشمة وجميلة في نفس الوقت مبثوثة هنا وهناك في شتى الأقطار، فهلا قام التجار بجلبها محتسبين الأجر من الله بالعون على ستر المسلمات، لا أن يكونوا عونا على فتنتهن وهم يعلمون جيدا ما مصير من يفعل ذلك،
ختاما: يا وزارة التجارة.. أيها التجار الكرام.. هل من استجابة سريعة تكون بلسما لهذا الجرح الغائر في جسد بلدنا الطاهر؟!!! الأمل في الله عظيم.
د. ابراهيم عبدالرحمن الملحم
المختبر البيطري بالاحساء