نحن وللأسف نجيد الكلام والتنظير وعند العمل لاتجد ولا حتى اشباحنا، وبلا منافس ننتقل من مشكلة لاخرى لأننا بكل بساطة ننتظر من الجهات الرسمية وصفوة المجتمع ان يحلوا مشاكلنا بعصا سحرية. لو احصينا كم كتب عن اضرار التدخين لنافس الملاحق الرياضية ولكنه كلام كما قيل لايستحق ثمن الحبر الذي كتب به لانه لا يأتي بجديد ولا يغير من الواقع السييء شيئا.
وكأننا نشكو من قلة المدخنين حتى تأتينا الفرص الذهبية لزيادة الموبوئين به من ابنائنا. فهذا يشفر المباريات لينتقل الاحداث الى المقاهي فيتقنون التدخين والشيشة وتأتي البطالة لتدعو الشباب الفارغ للتدخين و"حرق" الوقت وتبدع الفضائيات بأفلامها ومسلسلاتها لتقدم الدعايات لانواع السجائر وحدث عن غير ذلك حتى تمل!
وكم نتوقع ان تكون الزيادة في استهلاك السجائر في سنة واحدة؟ 10%، 20%، 50% ياليت! وحتى لا يظن احد اننا نتحامل فلنقرأ ما كتبته هذه الجريدة عن استيراد السجائر في السعودية بين عامي 1999 و2000 حيث زادت كمية السجائر المستوردة الى الضعف خلال عام واحد وذلك من 7 آلاف طن الى 14 الف طن!!!
اما وكلاء شركات التبغ "هداهم الله" فلحرصهم على المدخنين من ان "تضيق" صدورهم او ترتفع مصاريفهم، فانهم يستبعدون ارتفاع الاسعار، اما الابتكارات في المعسل نتيجة الاقبال الكبير فقد عجزت منظمات حماية براءات الاختراعات عن ملاحقتها ويكفي ان نذكر منها معسل بالكاباتشينو ومعسل على الطاقة الشمسية!!
ويبدو ان الانخفاض البسيط في اعداد وفيات الحوادث بعد التوعية وربط الحزام قد تم تجييرها لصالح التدخين . وفي حين نشكو من امراض المدخنين ورعايتهم فانا نكاد لا نرى اعلانا واحدا يحذر وينبه او تجده على استحياء. وياليت بعض الشركات بدلا من اعلاناتها السخيفة باللغة العامية (الممنوعة نظاميا) تمول اعلانات التحذير برعايتها لانها ستكسب سمعة واحتراما اكبر. ومن اجمل الافكار ما ذكرته احدى الصحف ان اعلانا اثار الرعب في فرنسا حين بث في ساعة الذروة يحذر من مادة توجد في الاسواق تحتوي على مواد قاتلة ومسببة لامراض القلب والسرطان مع رقم الاتصال المجاني فانهالت الاتصالات على الرقم لتكتشف ان هذه المادة هي السجائر!!
ان دعم عيادات مكافحة التدخين امر هام جدا ولكن الاهم ان تتجاوز عملها الروتيني في العلاج الى الوقاية فهي وسيلة اجدى واقل تكلفة. وللاسف ان الغالبية العظمى من المدخنين لاتعبأ بكل ما يكتب من توجيهات وتحذيرات ولاتبذل جهدا في الاقلاع عن التدخين لذا وجب علينا ان ننتقل من الوعظ الى المصارحة ونقول ان كنت تدير ظهرك لكل نصيحة فاستمر ودخن واستمتع "كما تظن" ولكن ايضا استعد لنكهة الامراض والموت ولكن ليس ككل الناس واحتفظ بذاكرتك جيدا لانك ستندم بعد الا ينفع الندم!!