امتدادا للحديث حول الفضائيات والاطباق الفضائية في المقالة السابقة يتكرر علىّ السؤال الذي يطرق ذهني بشدة: لماذا نحن نستهلك هذه الغث والسمين من الفضائيات ولا ننتج في هذه الصناعة شيئا هذه الرقعة الكبيرة بل هذا التراث بل هذه الارض الخصبة هذه الاموال الطائلة هذه العقول الناضجة والكفاءات الجبارة والكثافة السكانية والثقافية والحضارة العريقة كل هذا لم يشفع لنا ان نسجل حضورا اعلاميا رسميا او خاصا فمدينة خليجية صغيرة اضحت الآن قبلة اعلامية بمدينتها الاعلامية وبأكثر من قناة استطاعت ان توظف اعلامها ليجلب لها مزيدا من السياحة الخليجية العائلية لتصبح الوجهة الاولى للسائح الخليجي ورغم انها تزهق نفسك فيها من شدة الحرارة والرطوبة القاتلة ولكنها توحي باعلامها بأنها ابرد نقطة في العالم بمدن الثلج وغيرها اجيبوني: هل عجزنا؟! ام رضينا ان نكون مستهلكين فقط؟!
واذا كانت مدينة مثل جدة أصبحت الآن تقوم بتجميع بعض اجهزة استقبال اشارة الاقمار الصناعية وبها مصنع للتلفاز, واذا كانت الاندية الرياضية المحلية في طريقها لاطلاق قنوات فضائية رياضية خاصة بها وقرأت مؤخرا ان سمو الامير خالد الفيصل امير عسير يعد لمشروع اطلاق قناة فضائية خاصة بأبها لتنشيط سياحة الجنوب بعد ان نجح في تكوين صحيفة اما آن لنا ان نفكر في مشروع اطلاق قناة فضائية يتبناها بعض التجار لترويج السلع المحلية والمنتوجات الوطنية مثل التمر الذي بات اولادنا ينظرون له على انه موضة قديمة ويفضلون قطع الشوكلات والحلاوة اللبنانية عليه, ونسوق لمقومات السياحة عندنا تراث وثقافة ومسابقات وعروض تجارية ودروس تعليمية لأولادنا بحيث انها تكون نافذة نطل بها على العالم او يطل العالم بها علينا.
الوقت أيها الأحبة لم يعد يقبل انصاف الحلول والتجارة العالمية رسمت سياستها على الجميع والسلعة التي لا تجد من يخدمها سوف يقضى عليها في مهدها ونحن لنا استثماراتنا الضخمة في الاسواق والمدن الصناعية والزراعة والصحة, واذا لم نبدأ الفكرة فسوف نجد انفسنا فجأة خارج الدائرة وبتعبير اكثر سهولة يكون هذا الكيان قد ذاب في افكار الاخرين واخذ يفكر ويستهلك ويسلم بما عند الآخرين ولا يلام الجيل على ذلك لاننا لم نفهم قواعد اللعبة التي جعلت من نقطة صغيرة على الخريطة لا تكاد ترى جزيرة كبيرة تشكل فكر وتصرفات الناس من حولهم بسبب انهم لعبوها بشكل صحيح!
اخيرا لان تأتي متأخرا خير من عدم مجيئك البتة.
@ عبدالمنعم الحسين
