قرأت مرة عبارة جميلة من رواية أجمل تقول (ليس هناك أجمل من ان تلتقي ضدك, فذلك وحده قادر على ان يجعلك تكتشف نفسك).
وفي صندوق الحلم الذي يكبر باعمارنا ندخر نحن النساء الكثير من أمانينا المستقبلية قبل ان تقدم احدانا على الزواج. (آسفة نسيت ان "تقدم" هذه حق للرجل فقط), وتبعا للمناخ العاطفي لكل وطن تتكوم الأحلام في رجل, تظل تحوم المرأة حول ظله حتى تحتضنه شباكها.
لكن الزواج ـ مقصلة الرجل ـ (كما يراها هو) يتحول في ظرف شهر عسلي الى ساحة لاقتناص الهفوات. هكذا تعودنا على المرأة والرجل في بياض الأوراق الذي يتحول الى فدادين من السواد, لان كلا منهما يكيل التهم للآخر.
ولسنا هنا بصدد فك هذه الشبكة العنكبوتية, بل نقحم الضوء على احدى الفتحات, نستولي منها على ورقة خاصة اسمها عقل المرأة.
فالرجل الشرقي يظل غربيا حى يتزوج. هو في أيام الخطبة متخصص في إدارة العقل, يهواه ويراه سر كمال المرأة (والكمال لله وحده). وبعد الزواج يختم بيديه على عقد فسخه منه.
يطالبها متشوقا لامرأة ناضجة بأن تغريه بألوان الثقافة والقدرة على الحوار والمناقشة ومطارحته الفكر, وبدوره يحني لسانه وكل جوارحه بالموافقة, وما ان تقرع الدفوف أبواب الحياة الزوجية الجديدة حتى يعترف لها بخطئه.
وعندما تفاجأ لا تملك سوى الطاعة. فان كانت تحترم إنسانيتها نعتوها بالحمقاء ونصحوها بان تتصرف بذكاء.
وكيف ذلك؟
ان تحاول إيهامه بأنها غبية وضعيفة ومنقادة له.
الغريب ان هذا ما يطلبه الرجل أحيانا بنفسه ولو لم يقلها علانية.
فلماذا كل هذا العداء لعقل المرأة؟؟؟ رغم انك تعلم بأن التواصل مع المرأة العاقلة أجمل وأسهل؟
يعترف: انها تبدو أقوى, انها تخدش رجولتي (بالطبع يجيب نفسه في خفية) وكأن الرجولة لا منطق لها إلا غباء وسذاجة المرأة. وبالطبع في هذه الحالة العقلانية التي تدير فيها محركات دماغها لن يستطيع لمواجهة هذا الخطر إلا ان يمارس الشيء الوحيد القادر على اتخاذه عذرا وهو عضلات قوامته.
لماذا تفضل ان تكذب عليك وتخدعك؟ ينفي ذلك بدهشة وكأن لا صلة تربطه بما يريد. فلا تملك المرأة الذكية إلا ان تستسلم لفلسفته فترسخ هذا الإحساس داخله بكل خبث. تقول لنفسها: ما دام ذلك سيبقيه على قيد حبي.. لم لا؟ وتشاركها المسرحية أفراد القبيلة الأسرية كلها (من النساء طبعا).
اسطورة هي المرأة, وجميل هو الرجل حينما يساعدها لتجعل منه أكذوبة.