سألني قبل فترة قصيرة أحد القراء قائلا: من وجهة نظرك ما هو معيار نجاح الإداري وتميزه عن غيره؟ فدخلت معه في حوار مطول نسبيا الى أن استقر المقام عند أبرزها ألا وهو: ثقة وارتياح المراجعين وكذلك الموظفين الذين يتبعون له نظير حسن انجازه وتعامله معهم.
وقد عرجنا سويا على عدد من الاداريين في المنطقة الشرقية نقلب معهم تلك الخاصية الى أن وصلنا إلى أبرزهم فكان الأستاذ سعد بن عبدالعزيز العثمان و كيل امارة المنطقة الشرقية الذي عاصر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود أمير المنطقة الشرقية ـ يحفظه الله ـ منذ فترة طويلة فاستلهم منه عددا من الصفات التي طبقها في حياته العملية والتي ندعو له بأن يستمر عليها، والهدف الأساسي من ذكر بعضها هو الاقتداء ومحاولة التطبع من الاداريين بخصاله، وليس أكثر من ذلك لأنه علم لا يحتاج الى من يرفعه، ومن تلك:
ـ ثقة المراجعين به وارتياحهم لقراراته، وقد لاحظنا ذلك بأم أعيننا عند زياراتنا لإمارة المنطقة وسمعناه في مرات عديدة ومناسبات متفرقة ومن أرتال المراجعين الذين تكتظ بهم القاعة الموصلة إليه، والذين سرعان ما يدخلوا عليه وتوصل اليه معاملاتهم رغم محاولات مدير مكتبه أن يبادر اليه بسماعة التليفون فتجتذبه عنهم ثانية الى أخرى فيجيب عليها باختصار غير مخل حرصا على وقت المواطنين، وبعد أن يخرجوا من عنده يلاحظ على وجوههم تباشير الرضا والسرور لما وجدوه فيه من وجه بشوش مرحب غير عابس رغم كثرة الأعباء وجسام المسئوليات المنوطة به وبخاصة أثناء عدم وجود سمو أمير المنطقة وسمو نائبه ـ حفظهما الله ـ، وهذه الخصلة النادرة من الصعب أن تجدها عند الكثير من الاداريين لاعتلاء بعضهم خصلة الغرور والتكبر فقد تراه اداريا من الدرجة الثانية أو الثالثة وعندما يقصده المواطن في حاجة ما وان كانت نظامية ولا تخدش أحدا إلا أنك تراه مكتئب الخاطر ضيق النفس يتمنى أن ينفرد بنفسه ليحقق مصالحه الشخصية ناسيا أو متناسيا أن الدولة لا ترضى بهذا الأمر مطلقا وقد وضعته في الموقع ليسهل على المواطنين معاملاتهم، أما ضيفنا العزيز فهو على النقيض من ذلك تماما لكون الابتسامة والترحاب والكلمة الفاضلة لا تفارق لسانه أبدا، حتى أنه يسر ويثني على الجهود المباركة التي تحتوي الشباب في الاجازة الصيفية، وقد سمعته يشكر القائمين على المخيم الثاني للشباب الذي انتهى الجمعة الماضي وأنه كما وصفه يسقي بذرة الصلاح والخير والسلامة لأبناء الوطن كبيرهم وصغيرهم ضد المخدرات والشرور والآفات، وهذا جزء من فيض الإعجاب والتقدير.
ـ السرعة في الرد على معاملات المواطنين، وعدم تكديسها على طاولة مكتبه كما يتباهى به البعض للزعم بأنه مشغول ومهموم بتلك الملفات وهذا زعم باطل، فضيفنا العزيز رغم عرض طاولته بحكم منصبه إلا أنك لا ترى أي معاملة مهملة عليها لإيمانه بأن المواطنين كلهم سواء يجب أن تنجز طلباتهم بكل أمانة وسرعة ممكنة حتى وان تكبد نتيجة لذلك التعب والضنك والارهاق البادي على ظهره، إلا أن قداسة وجسامة المسئولية وحسن الخلق تلزمانه عن طيب خاطر منه بأن يبذل كل ما في وسعه وهو في غاية السعادة والسرور، وهذا شيء يحمد ويثنى عليه.
ـ الجرأة في الحق وعدم محاباة أحد على الآخر، وهذه الخصلة تعتبر أيضا من العملات النادرة في هذا الزمن عند بعض من أوكل اليهم رعاية شئون الناس، أما ضيفنا لهذا الأسبوع فقد عز على نفسه ونذر عليها ألا يدع أحدا يأكل حق أخيه أو أن يتلاعب عليه دون أن يرد الحق الى أهله، وقد حدثني بعض الموظفين في الحقوق المدنية والأحوال الشخصية عن عدد من القضايا وقف فيها الضيف مواقف شجاعة ضد الظلم والجشع وأكل أموال الناس بالباطل أو تسويف أمورهم وتأجيل حقوقهم والتزاماتهم، واليك عزيزتي وعزيزي المواطن بعضا منها: التعامل مع بعض مكاتب الاستقدام الأهلية يعتبر من المآسي التي تمرون بها، وقد تعرض الكثير من المواطنين للابتزاز من بعضها سواء بالتأخير والمماطلة أو سوء الاختيار والتلاعب بشكل ملحوظ، وهذا ليس بسر أخفيه عليكم، لأن ملفات الشكاوى الواردة الى المحافظات والامارات ومن ثم الى الحقوق المدنية والأحوال الشخصية تعج بالكثير من القصص المحزنة التي استغلت حاجات الناس فأخذت أموالهم وتلاعبت بها الى أمد غير قصير ضاربة عرض الحائط بالعهود والمواثيق، وهناك أيضا بعض المستأجرين الذين ما يلبثوا أن يتمردوا على صاحب المنشأة فيمتنعون عن سداد الاستحقاقات عليهم ويسيئوا الى الدار بالتخريب وقد حدثني أحد الملاك من الخبر أنه اضطر الى أن يستأجر على حسابه الخاص شقة سكنية في عمارة أخرى لأحد الناس لعام كامل بعد أن رفض الاخلاء من عمارته لرغبته في بيعها، وهناك من يصدر شيكات من غير رصيد يغطي حقوق المتعاملين معه، وهناك من يستهتر مع شركات الخرسانة فيتنقل من واحدة الى أخرى ويمتنع عن اعطائهم حقوقهم، وهناك الكثير لا نريد الغوص فيها لأن الكثير منكم قد عايشها وسمع بها حتى لا نفتح الجروح الملتئمة أو في طريقها الى ذلك، إلا أن مثل تلك القضاياعندماتصل الى مقربة من عينيه ينفر في سبيل رد الظلم عنها بكافة الوسائل النظامية الممكنة يبتغي به مرضاة الرب عز وجل في المقام الأول، ومن ثم مراعاة الأمانة التي حملها ولاة الأمر ـ يحفظهم الله ـ في استنكار واستهجان أي عمل شائن يجانب الحق والصواب.
وبعد هذا كله، فإنني أرى ـ كصوت مواطن واعلام ـ أن يتم تكريم الرجال المتميزين اداريا في حياتهم وهم على رأس أعمالهم ليكون حافزا لهم لبذل المزيد، ولغيرهم لمحاولة الاقتداء والتقليد ما استطاعوا الى ذلك سبيلا، ولا نؤجل ذلك أبدا، ونقول في هذا اليوم بأعلى صوتنا: ولماذا أخيرا، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
تنويه:
أعد ـ إن شاء الله تعالى ـ القارىء الكريم عيسى بن ابراهيم الدوسري من الخبر الذي وافاني وحدثني عن بعض همومه عن المشاكل البيئية بالمنطقة الشرقية أن أتناولها الأسبوع القادم بشيء من التفصيل، ومعذرة للتأخير.