منظر شاب (امور) يمتطي سيارة فارهة جدا، تجبره اشارة المرور على التوقف، لا يلبث ان يفتح مرآة الوجه الخاصة بالسائق ويبدأ في رسم حواجبه وتوريد وجنتيه والمرور على الشفتين وان امكن يكمل تسريح القصة المتموجة ويعيد هيكلة الطاقية والشماغ والعقال، ولربما استمر مسلسل التجميل هذا عند الاشارة، كله حسب المشوار وطبيعته، وقد يخدمك الوضع لتتابع بقية المسلسل في اكثر من اشارة مرورية بالاستماع لوصلة غنائية من اختيار (الامور) الذي في جوارك والمنتشي الى مالا نهاية، او ربما استخدم جواله متلفتا ذات اليمين وذات الشمال، وموزعا ابتسامات حانية مع شوية حركات جسمانية تكشف لك عن مزايا ومهارات مغرية لدى (الامور) وفي الوقت نفسه لربما اعطتك فكرة مع من هو يتحدث وكم مرة ينزل الهاتف من اذنه ليرى الرقم المتصل الجديد ونقره الرشيق بأصابعه الناعمة وهو يتحول من مكالمة لاخرى موزعا ما يناسب كل مكالمة من تجهم وحنان وامتعاض مشوبة بحركات يدوية تعبر عن عصبية ابرز رجالات المال والاعمال والقرارات في مصائر عباد الله.. وان كنت محظوظا جدا ورافقت (الامور) على مدى ارساله الاحتفالي بروحه، فاياك ثم اياك ان تفرط في اقتحام خصوصيته باطالة النظر اليه اكثر مما هو مسموح لك والا انتهى بك الحال ـ لا قدر الله ـ متكوما بمركبتك على رصيف او جزيرة نتيجة لحرفنة (الامور) في مسائل الحد واللز والرمي والكر والفر وكل فنون الارهاب الشوارعي جزاء لبحلقتك وتطفلك على مالا يعنيك وردعا لغيرك من المواطنين غير المتحضرين في التعامل مع جيل هذه الايام.
السؤال الجدير بالطرح بعد كل سيناريو الهذيان الدماغي الذي ارهقت به خيالاتكم، اليس من الطبيعي ان نفكر وبجدية في اساليب تنشئتنا للبني آم والتي تفرز لنا امثال هذا (الامور) الذي سيكون ربما مسؤولا في البلد بعد عشرين او ثلاثين عاما من الان ويتوقف مصيري ومصيركم ـ لا قدر الله عليه وعلى انداده ـ من هو قدوة هؤلاء؟ من يؤثر في هؤلاء؟ وماذا يدور في رؤوس هؤلاء وغيرهم من الضايعين وربما المهملين والمسقطين من حساباتنا وخططنا الوطنية؟ وغدا نكمل.