أخبار متعلقة
تردد اسم جزيرة تاروت في الكتب والآثار التاريخية ويعود تاريخها الى آلاف السنين ، وحسب بعض المصادر فقد ورد اسمها قبل الميلاد بأنها جزيرة عظيمة فيها اكبر وأشهر ميناء في الخليج العربي وتضم ثروة أثرية دفينة حيث توجد على مقربة منها أكمات بدائية نادرة التكوين يقال انها كانت بقايا مدافن كما يقال إن مدنها الحديثة تستقر على أربع طبقات من المدن بعضها فوق بعض.كما تم اكتشاف بعض العملات النقدية التي تعود لأكثر من 3000 سنة قبل الميلاد. وقد مر عليها أحد قادة الإسكندر المقدوني عند عودته من الهند بعد زيارته لفينيقيا. وتمتعت دارين بشهرة كبيرة في العصور الخالية حيث كانت ترد إليها السفن من الهند والصين بمختلف البضائع التي يعاد تصديرها إلى جميع أنحاء العالم. وكانت أيضا سوقاً تجارية وأدبية يأتي إليها العرب من كل حدب ، ويعتبر سوقها الذي كان يعقد في شهر رجب من كل عام من الأسواق الموسمية الكبرى التي كانت بمثابة مؤتمرات اجتماعية ومعارض اقتصادية. وفي فجر الإسلام عرفت جزيرة تاروت بأنها مدينة المسك وقيل انها أرض المسك ، وسوقها سوق يباع فيه المسك أو أن اسم احدى قراها (دارين) يعني المسك وذلك حسب التسميات التي وردت في الكتب المختصة وبعض الآثار التي وجدت. وبالاضافة الى التاريخ العريق لهذه الجزيرة ، فقد عاشت خلال القرون الماضية أحداثا مهمة من حروب ومعاهدات، خاصة أن البرتغاليين احتلوا الجزيرة لفترة من الزمن.
دارين الجغرافيا
المسك .. (دارين) إحدى قرى جزيرة تاروت تقع على الساحل الغربي الجنوبي للجزيرة ويحتضنها الخليج العربي من ثلاث جهات (الشرق والجنوب والغرب) أما الجهة الرابعة من ناحية الشمال فتحدها قرية الربيعية وأجزاء من تاروت وسنابس. ويقدر عدد السكان بحوالي 6000 نسمة حسب إحصاء عام 1421هـ.
وصف ميداني
وحسب الجولة التي قمنا بها نستطيع القول ان دارين لم تتوسع كثيراً بسبب انتقال معظم سكانها إلى مناطق العمل في المدن الأخرى كالظهران والدمام ورحيمة وبقي فيها قلة من السكان، ولا تزال دارين القديمة ببيوتها الطينية والتي يعود بعضها إلى مائتي سنة بأزقتها الضيقة التي كانت مقسمة إلى ثلاثة أحياء هي: الشرق والحوطة والحالة. وقد اتصلت حديثا بشوارع رئيسية مسفلتة مع مناطق القطيف عبر حي الدخل المحدود القريب منها.
أبرز المعالم
ولعل أهم معالم مدينة دارين هو الميناء.. وهو مرسى لسفن الصيد التي تنطلق منه بصورة منتظمة حيث تتجمع مراكب الصيد الكثيرة التي تربو على مائة مركب ويمتد رصيفه حوالي كيلومتر داخل البحر. وكذلك قصر محمد بن عبد الوهاب الفيحاني وهو أحد أكبر تجار اللؤلؤ في المنطقة الذي هاجر من قطر وبني القصر ومجموعة من البيوت الطينية في عام 1303هـ على أنقاض مستوطنات سابقة وأصبح الآن مبنى متداعيا. وقد أجمع كثير من السكان على أهمية العناية به وإعادة ترميمه.
الحداق (الصيد) كأهم مهنة في دارين
ويعتبر الحداق كما يسميه أهل الخليج من أهم المهن في دارين حيث المصطلح الذي يطلق على صيد الأسماك وهي المهنة المعروفة بها.
ويمكنك أن تشاهد زوارق الصيد في الميناء للتنزيل والتحميل، أو في قلب البحر على امتداد ناظري زوار المنطقة وأكثر الأشياء دلالة على مدى التصاق هذه الجزيرة بالصيد هو ذلك الزورق الذي يزين مدخل الجزيرة بجوار كلمة الترحيب التي تشاهدها عندما تدخل إلى دارين. وعلى الأهمية التي يوليها الأهالي لصيد الأسماك إلا أن هناك بعض المعاناة التي يعيشها هؤلاء، وقد أجرينا حواراً مع أحد الصيادين من الأهالي (يوجد هناك قرابة 2000 عامل أجنبي يعملون في هذه المهنة) اتضح لنا رغبتهم بمزيد من الاهتمام بأسواقهم حيث ان احدى أهم المشاكل التي تصادفهم بشكل يومي هي إغراق السوق المحلي بسمك دول الخليج المجاورة كالبحرين وعمان في الوقت الذي لا يسمح لهم ببيع سمكهم في أسواق تلك الدول.
دارين والسياحة
وللمرء حق أن يتساءل هل هناك سياحة في دارين، والجواب ليس سهلاً كما هو السؤال فثمة صعوبات كثيرة تقف أمام إيجاد سوق سياحي في دارين وعموم جزيرة تاروت حيث ضعف الاهتمام من ناحية تنشيط السياحة بهذا البلد العريق، خاصة في مهرجان صيف الشرقية، إذ الملاحظ التركيز على مدينتين فقط تخلوان من العمق التراثي بينما جزيرة تاروت وما حولها مناطق جذب سياحي مهم وكل ما في الأمر أن المنطقة بحاجة إلى إعادة ترتيب من ناحية الشوارع والحدائق والاهتمام بالميناء فضلاً عن قيام مشاريع سياحية ضخمة.. فالمنطقة مهيأة لكل ذلك لاسيما بعد إنجاز الطريق الساحلي الممتد من الدمام مروراً بالقطيف ليصل إلى قرى جزيرة تاروت مباشرة، وهو طريق طال انتظار الأهالي له، حيث سيجعل تنقلهم سهلاً وميسراً للذهاب إلى مدينة الدمام دون الحاجة إلى الشارع الحالي الذي يكلفهم الكثير من الوقت والجهد.
ولعراقة جزيرة تاروت وقراها التاريخية فإنها مؤهلة أكثر من غيرها لتصبح مدينة سياحية متكاملة بشرط الانتباه إليها وتوفير الشروط اللازمة لذلك وأهمها السماح بقيام مشاريع ترفيهية وتراثية ضخمة ترعاها الدولة بمساعدة القطاع الخاص وتشتمل على جميع المرافق المهمة في مثل هذه المشاريع.
إن منظر مدينة الدمام على مد البصر قد لا يتجاوز عشرة كيلومترات، ولكن أن تتحمل عناء أكثر من ساعة لتصل إلى هناك فهو الغريب حقاً. وأشار العديد من سكان الجزيرة إلى أن هناك فرصة سياحية عظيمة إذا ما توافرت طريقة وصول سهلة من وإلى الدمام سواء عن طريق جسر بحري (وهو مشروع لا يزال في أدراج أمانة الدمام وينتظر إنجازه) أو عن طريق رحلات بحرية بغرض المواصلات السياحية والتجارية إذا مازودت ببعض النشاطات السياحية كإقامة المطاعم لتقديم الأكلات البحرية المناسبة، في إشارة إلى أهمية الاستثمار في هذا القطاع الهام.
وتوقع بعض المواطنين مستقبلاً باهراً للسياحة البحرية والمحلية إذا ما ضخت أموال استثمارية في هذه المنطقة، وهناك أفكار كثيرة ينبغي الاستفادة منها لاسيما إقامة مدن ترفيهية وقرية تراثية وغيرها من المشاريع ذات الفائدة للمواطنين والمستثمرين.
وأشار آخرون إلى أن الجزيرة بهويتها وإمكاناتها الحالية قد تصبح وجهة سياحية ذات قيمة إذا ما وجد فيها فندق سياحي يستضيف السياح الأجانب الذين يحبون الأماكن التراثية ويبحثون عن تاريخ الجزيرة العربية بشكل عام. وبحكم ابتعادها النسبي عن ضوضاء المدينة فقد اصبحت جزيرة ذات أجواء نقية هادئة والكورنيش هو خير دليل على ذلك حيث نشاهد المئات يأتون يومياً للاستجمام والراحة والتمتع بالطبيعة وهواء البحر الذي لا يمكن استبداله بهواء آخر، وإذا زاد الاهتمام بهذا الشاطئ فإنه لا شك سيصبح وجهة مهمة لغالبية المصطافين.
وقد لا تنفرد (دارين) عن بقية قرى جزيرة تاروت في وجود مجالس خاصة يحضرها أهل الجزيرة وضيوفهم حيث يتم التباحث في أمورهم والتسامر في جو عائلي ويكون فيه الكرم على أبعد مستوى، ومن هذه المجالس مجلس بيت الفاضل والعتيبي وناصر بن لحدان والدهيمان.
ماذا يريد المواطنون؟
وفي جولتنا التقينا ببعض المواطنين لتلمس ما يطمحون إليه وأهم المشاكل التي يواجهونها حيث قال محمد الفيحان أحد صيادي الأسماك ويملك عددا من سفن الصيد التي يفتخر بأنها ذات تجهيزات عالية التقنية إنه يتمنى أن تقام منشآت سياحية كالفنادق وهو أمر ضروري كما وجه نداءه إلى المسئولين لإعطاء اهتمام أكبر بسوق السمك حيث ان مساحته الحالية لاتتجاوز 75 مترا مربعا. كما يتمنى أن تقوم البلدية بإنشاء شارع رئيسي يسهل الوصول إلى الكورنيش وميناء دارين وذلك ليتعود الناس على هذا الميناء وتصبح حركتهم أكثر سهولة.
ويؤكد المواطن سلمان البن علي هذا الأمر مضيفاً إن إيجاد طريق مباشر للدمام أمر ضروري للغاية حيث ان أغلب المواطنين يعانون عندما يرغبون في الذهاب اليها لوجود جميع مرافق الدولة . ومن جهة أخرى يقترح إنشاء مستشفى حيث ان الخدمات الصحية ضعيفة جداً. أما المواطن محمد حسن وهو من أحد صيادي السمك وقد كان مستلقياً في ظلال احدى الأشجار منتهزاً فرصة ركود السوق قال إنه يتمنى زيادة طول الكورنيش تفادياً للزحام حيث يشكل الشريط المؤدي إليه ازدحاماً شديداً خاصة أيام العطلات الأسبوعية وفي العطلة الصيفية. ويقترح حسن معتوق موظف وهو يداوم على زيارة الكورنيش بين فترة وأخرى زيادة التركيز على المناطق البحرية بشكل عام معتقداً أن ذلك يجعل بيئتنا نظيفة بشكل عام، وهو الأمر الذي يجعل السياحة البحرية مقبولة وفي ازدياد مستمر.
انتظار بلا أمل
تجهيز دائم